بغير حصة منه. وأقتنا موت كل واحد بوقت معين لا يتعداه، فقصرنا عمر هذا، وربما كان في الأوج "ضد الهبوط" من قوة البدن، وصحة المزاج. فلو اجتمع الخلق كلهم على إطالة عمره.. ما قدروا أن يؤخروه لحظة، وأطلنا عمر هذا، وربما كان في الحضيض من ضعف البدن، واضطراب المزاج، فلو تمالؤوا على تقصيره طرفة عين.. لعجزوا، اهـ، أي: والقادر على هذا كله قادر على إعادتكم وبعثكم.
﴿وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾؛ أي: بمغلوبين،
٦١ - بل قادرين ﴿عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ﴾ منكم ﴿أَمْثَالَكُمْ﴾؛ أي: أشباهكم؛ أي: لا يغلبنا أحد على أن نذهبكم، ونأتي مكانكم بأشباهكم من الخلق. يقال: سبقته على كذا؛ أي: غبته عليه، وغلب فلان فلانًا على الشيء إذا أخذه منه بالغلبة. وقال الضحاك: معناه: أنه جعل أهل السماء، وأهل الأرض فيه سواء، وما نحن بمسبوقين على أن نأتي بخلق مثلكم. وقال الزجاج: إن أردنا أن نخلق خلقًا غيركم.. لم يسبقنا سابق، ولا يفوتنا. وقال ابن جرير: المعنى: نحن قدرنا بينكم الموت على أن نبدل أمثالكم بعد موتكم بآخرين من جنسكم، وما نحن بمسبوقين في آجالكم؛ أي: لا يتقدم متأخر ولا يتأخر متقدم. ﴿و﴾ على أن ﴿نُنْشِئَكُم﴾ ونوجدكم ﴿فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ من الأطوار، والصور، والهيئات. لا تعهدون بمثلها. وقال الحسن؛ أي: على أن نجعلكم قردة وخنازير، كما فعلنا بأقوام قبلكم إن لم تؤمنوا برسلنا. يعني: لسنا عاجزين عن خلق أمثالكم بدلًا منكم، ومسخكم من صوركم إلى غيرها. وقيل: المعنى: ننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا. وقال مجاهد: ﴿فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ يعني: في أي خلق شئنا. ومن كان قادرًا على هذا فهو قادر على البعث. وقال سعيد بن المسيب: ﴿فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ يعني: في حواصل طيور سود تكون ببرهوت، كأنها الخطاطيف. وبرهوت واد باليمن، اهـ.
والمعنى (١): أي نحن قسمنا الموت بينكم، ووقتنا موت كل واحد بميقات معين لا يعدوه بحسب ما اقتضته مشيئتنا المبنية على الحكم البالغة. وما نحن بعاجزين عن أن نذهبكم، ونأتي بأشباههكم من الخلق، وننشئكم فيما لا تعلمون من

(١) المراغى.


الصفحة التالية
Icon