والجواب: أن إضافة الحرث إلينا إضافة الاكتساب، وإضافته إلى نفسه إضافة الخلق والإبداع. كقوله تعالى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ﴾.
قال الحليمي: يستحب لكل من ألقى في الأرض بذرًا أن يقرأ بعد الاستعاذة ﴿أَفَرَأَيْتُمْ﴾ إلى قوله: ﴿بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾. ثم يقول: الله الزارع، والمنبت، والمبلغ. اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، وارزقنا ثمره، وجنبنا ضرره، واجعلنا لأنعمك من الشاكرين. ويقال: إنّ هذا القول أمان لذلك الزرع من جميع الآفات الدود، والجراد، وغير ذلك ببركة تلك الآيات، ولا مانع من ذلك، وإن كان لا أصل له.
وفي الآية (١): امتنان ليشكروا على نعمة الزرع، واستدلال بأن من قدر على الإنبات قادر على الإعادة. فكما أنه ينبت الحب في الأرض، وينبت بذر النطفة في الرحم فكذا ينبت من حب عجب الذنب في القبر. فإن كلها حب، وذلك لأن بذر النطفة، وكذا عظم عجب الذنب شيء كخردلة.
٦٥ - ﴿لَوْ نَشَاءُ﴾ ﴿لَوْ﴾ للمضي، وإن دخل على المضارع، ولذا لا يجزمه، فهو شرط غير جازم؛ أي: لو أردنا ﴿لَجَعَلْنَاهُ﴾؛ أي: الزرع بمعنى المزروع ﴿حُطَامًا﴾ هشيمًا؛ أي: يابسًا متفننًا متكسرًا بعدما أنبتناه، واخضر بحيث طمعتم في حيازة غلاله، وجمعها من بعد ظهوره وقبل اشتداد حبه. ﴿فَظَلْتُمْ﴾؛ أي: فصرتم بسبب ذلك ﴿تَفَكَّهُونَ﴾؛ أي: تتعجبون من سوء حاله إثر ما شاهدتموه على أحسن ما يكون من الحال، أو تندمون على ما فعلتم فيه من الاجتهاد، وأنفقتم عليه، أو تندمون على ما أصبتم لأجله من المعاصي فتتحدثون فيه.
والحطام (٢): الهشيم الذي لا ينتفع به، ولا يحصل منه حب، ولا شيء مما يطلب من الحرث. وقال الفراء: ﴿تَفَكَّهُونَ﴾ تتعجبون فيما نزل بكم في زرعكم. وقال الحسن، وقتادة، وغيرهما: معنى الآية: تعجبون من ذهابها، وتندمون مما حل بكم. وقال عكرمة: تلاومون، وتندمون على ما سلف منكم من معصية الله. وقال ابن زيد: تفجعون. وهذا (٣) كله تفسير باللازم. ومعنى ﴿تَفَكَّهُونَ﴾: تطرحون
(٢) الشوكاني.
(٣) البحر المحيط.