من السحاب الذي فوقكم إلى قرار الأرض، أم نحن منزلوه لكم لو نشاء لجعلناه ملحًا زعافًا لا تنتفعون به في شرب، ولا غرس، ولا زرع. فهلا تشكرون ربكم على إنزاله المطر عذبًا زلالًا. ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١١)﴾.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر رحمه الله عنه: أن النبي - ﷺ - كان إذا شرب الماء قال: "الحمد لله الذي سقانا عذبًا فرتًا برحمته، ولم يجعله ملحًا أجاجًا بذنوبنا".
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: إن تحت العرش بحرًا تنزل منه أرزاق الحيوانات يوحي الله سبحانه إليه، فيمطر ما شاء من سماء إلى سماء حتى ينتهي إلى سماء الدنيا، ويوحي إلى السماء أن غربليه فتغربله، فليس من قطرة تقطر إلا معها ملك يضعها موضعًا، ولا ينزل من السماء قطرة إلا بكيل معلوم ووزن معلوم إلا ما كان من يوم الطوفان. فإنه نزل بغير كيل ولا وزن. وقال بعض الحكماء: إن المطر يأخذه قوس الله من البحر إلى السحاب، ثم ينزل من السحاب إلى الأرض. قال بعضهم: هو أدخل في القدرة. لأن ماء البحر مر، فيصعد ملحًا، وينزل عذبًا.
وفي الآية (١): إشارة إلى أن بعض بلاد العرب ليس لها آبار، ولا أنهار جارية. فلا يشرب أهلها إلا من المطر في المصانع.
فمنها: القدس الشريف، وينبع، وجدة المحروسة، ونحوها. وللماء العذب مزيد فضل من هذه البلاد، ولذا امتن الله به على العباد.
٧١ - ﴿أَفَرَأَيْتُمُ﴾ أيها الكفرة ﴿النَّارَ الَّتِي تُورُونَ﴾؛ أي: أخبروني عن النار التي تقدحونها، وتستخروجها من الزناد. والعرب تقدح بعودين، تحك أحدهما على الآخر، ويسمون الأعلى الزند، والأسفل الزندة. شبهوهما بالفحل والطروقة. يقال: ناقة طروقة؛ أي: بلغت أن يضربها الفحل. لأن الطرق الضرب.
٧٢ - ﴿أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ﴾ وأوجدتم ﴿شَجَرَتَهَا﴾ التي منها الزناد. وهي المرخ، والعقار، كما مر في سورة يس.