أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ العَقْرَابِ
وقد قرأ هكذا ﴿فلأقسم﴾ بدون ألف الحسن، وحميد، وعيسى بن عمر. وقيل: ﴿لا﴾ هنا على ظاهرها، وإنها لنفي القسم.
والمعنى: فلا أقسم على هذا إذ الأمر أوضح من أن يحتاج إلى قسم خصوصًا إلى مثل هذا القسم العظيم. وهذا القول مدفوع بتعيين المقسم به بقوله: ﴿بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾، وتفخيم شأنه بقوله: ﴿وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦)﴾.
وقوله: ﴿بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾؛ أي (١): بمساقطها. وهي مغاربها. وتخصيصها بالقسم لما في غروبها من زوال أثرها والدّلالة على وجود مؤثر دائم لا يتغير، أو لأن ذلك وقت قيام المتهجّدين، والمبتهلين إليه، وأوان نزول الرحمة والرضوان عليهم. أو بمنازلهما ومجاريهما. فإن له تعالى في ذلك من الدليل على عظم قدرته، وكمال حكمته ما لا يحيط به البيان. وقيل: المراد بالنجوم: نجوم القرآن، ومواقعها أوقات نزولها، وإليه ذهب ابن عباس رضي الله عنهما وقيل: المراد بالنجوم: الصحابة، والعلماء الهادون بعدهم، ومواقعهم مقابرهم. وقيل: غير ذلك.
والمعنى: أقسم بمساقط النجوم، ومغاربها على أن هذا المنزل عليك لقرآن كريم، وله تعالى أن يقسم بما شاء من مخلوقاته، وقد أقسم سبحانه على كثير من مخلوقاته العظيمة دلالة على عظم مبدعها، فأقسم بالشمس، والقمر، والليل، والنهار، ويوم القيامة، والتين، والزتيون، كما أقسم بالأمكنة. فأقسم بطور سينين، ومكة المكرمة.
وقرأ الجمهور: ﴿بِمَوَاقِعِ﴾ جمعًا. وقرأ عمر، وعبد الله، وابن عباس، وأهل المدينة، وحمزة، والكسائي، وابن محيصن، وورش عن يعقوب ﴿بموقع﴾. قال المبرد: موقع هاهنا مصدر، فهو يصلح للواحد والجمع.
فائدة: المناسبة بين المقسم به وهو النجوم، وبين المقسم عليه وهو القرآن الكريم في هذه الآية أن النجوم جعلها الله سبحانه ليهتدي بها الناس في ظلمات البر والبحر، وآيات القرآن يهتدى بها في ظلمات الجهل والضلالة، وتلك ظلمات