المسجد إلا لضرورة، فإن احتاج إلى الدخول تيمم، ودخل؛ لأنه طهارة عند عدم الماء، ولا قراءة القرآن، ولو دون آية لأن ما دونها شيء من القرآن أيضًا إلا على وجه الدعاء أو الثناء أو التبرك كالبسملة والحمدلة.
وفي "الأشباه": لو قرأ الفاتحة في صلاته على الجنازة على قول الشعبي، ومن وافقه إن قصد الدعاء والثناء لم يكره، وإن قصد التلاوة كره، وفيه إشارة إلى أن حكم القراءة يتغير بالقصد، ويجوز للجنب الذكر والتسبيح، والدعاء. والحائض والنفساء كالجنب في الأحكام المذكورة، ويدفع المصحف إلى الصبيّ؛ إذ في الأمر بالوضوء حرج بهم، وفي المنح تضييع حفظ القرآن؛ إذ الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر، وفي "الأشباه": ويمنع الصبي من مس المصحف، انتهى. والتوفيق ظاهر.
وفي "كشف الأسرار": وأما الصبيان فلأصحابنا فيهم وجهان:
أحدهما: أنهم يمنعون منه كالبالغين.
والثاني: أنهم لا يمنعون لمعنيين:
أولًا: أن الصبي لو منع ذلك.. أدى إلى أن لا يتعلم القرآن، ولا يحفظه. لأن وقت تعلمه، وحفظه حال الصغر.
ثانيًا: أن الصبي وإن كانت له طهارة.. فليست بكاملة؛ لأن النية لا تصح مه، فإذا جاز أن يحمله على غير طهر كامل جاز أن يحمله محدثًا، انتهى.
هذا وقد ذهب جمهور العلماء (١) إلى منع المحدث، وكذا الجنب والحائض من مس المصحف، وحمله، وبذلك قال عليُّ، وابن مسعود، وسعد ابن أبي وقّاص، وعطاء، وطاوس، وسالم، والقاسم، وجماعة من الفقهاء منهم: مالك، والشافعي، ويدل عليه ما روى مالك في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: إن في الكتاب الذي كتبه رسول الله - ﷺ - لعمرو بن حزم: "أن لا تمس القرآن إلا طاهرًا". أخرجه مالك مرسلًا. وقد جاء موصولًا عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده: أنَّ رسول الله - ﷺ - كتب إلى أهل