لا تدركون، ولا تعلمون كنه ما يجري عليه لجهلكم بشؤوننا. فقوله: ﴿لَا تُبْصِرُونَ﴾ من البصيرة، لا من البصر. والأقرب تفسيره بقوله: لا تدركون كوننا أعلم به منكم، كما في "حواشي سعديّ المفتي".
٨٦ - ﴿فَلَوْلَا﴾ بمعنى هلا أيضًا ﴿إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ﴾؛ أي: غير مربوبين مملوكلين أذلاء، من دان السلطان رعيته إذا سامهم، واستعبدهم. وفي "المفردت": أو غير مجزيين؛ فإن الدين الجزاء أيضًا. وهو ناظر إلى قوله تعالى: ﴿نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (٥٧)﴾. فإن التحضيض يستدعي عدم المحضّض عليه حتمًا.
٨٧ - ﴿تَرْجِعُونَهَا﴾ أي (١): النفس إلى مقرها، وتردون روح ميتكم إلى بدنه من المرجع. وهو الردّ، وهو العامل في ﴿إذا﴾، والمحضّض عليه بلولا الأولى. والثانية مكررة للتأكيد. وهي مع ما في حيّزها دليل جواب الشرط.
والمعنى: إن كنتم غير مربوبين، كما ينبىء عنه عدم تصديقم بخلقنا إيّاكم فهلا ترجعون النفس إلى مقرّها عند بلوغها الحلقوم ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ في اعتقادكم. فإن عدم تصديقهم بخالقيته تعالى لهم عبارة عن تصديقهم بعدم خالقيته تعالى بموجب مذهبهم.
أي: فإذا لم يمكنكم ذلك، فاعلموا أن الأمر إلى غيركم، وهو الله تعالى. فآمنوا به. وقوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ تكرير للتأكيد، لا من اعتراض الشرط. إذ لا معنى له هنا.
والمعنى (٢): أي فهلا إذا بلغت النفوس عند خروجها من أجساد موتاكم حلاقيمهم، وأنتم ومن حضركم من أهليكلم تنظرون إليهم، ورسلنا الذين يقبضون أرواحهم أقرب إليهم منكم، ولكن لا تبصرون. وجواب لولا قوله الآتي: ﴿تَرْجِعُونَهَا﴾.
وخلاصة المعنى: إذا لم يكن لكم خالق وأنتم الخالقون فهلا ترجعون النفوس
(٢) المراغي.