اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ...} والآية. فجعل لهم أجرين مثل أجور مؤمني أهل الكتاب.
قوله تعالى: ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ...﴾ الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه ابن جرير عن قتادة قال: بلغنا أنه لما نزلت: ﴿يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾.. حسد أهل الكتاب المسلمين عليها، فأنزل الله تعالى: ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ...﴾ الآية.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال: قالت اليهود: يوشك أن يخرج منا نبيٌّ فيقطع الأيدي، والأرجل، فلما خرج من العرب كفروا. فأنزل الله سبحانه: ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ...﴾ الآية. يعني بالفضل: النبوّة.
التفسير وأوجه القراءة
١٨ - ﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ﴾ قرأ الجمهور (١) بتشديد الصاد والدال في الموضعين، من الصدقة، وأصله: المتصدقين والمتصدقات، فأدغمت التاء في الصاد، وقرأ أبي ﴿المتصدقين والمتصدقات﴾ وبإثبات التاء على الأصل.
والمعنى على هاتين القراءتين: إن الذين آمنوا من الرجال والنساء، وتصدقوا صدقة واجبة أو تطوعًا.
وقرأ ابن كثير، وأبو بكر، والمفضل، وأبان، وأبو عمرو في رواية هارون بتخفيف الصاد وتشديد الدال من التصديق؛ أي: إن الذين صدقوا رسول الله - ﷺ - فيما جاء به عن الله، واللاتي صدقنه كذلك.
وقوله: ﴿وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ معطوفة على اسم الفاعل في المصدقين؛ لأنه وقع صلة للألف واللام الموصولة، حل محل الفعل، فصح العطف عليه، نظير قوله تعالى: ﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (١) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (٢) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (٤)﴾. والإقراض (٢) الحسن عبارة عن التصدق من الطيب عن طيبة النفس، وخلوص النية على المستحق للصدقة.

(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon