لا يخص به قومًا دون آخرين، ولا شعبًا دون آخر. والمراد بالفضل هنا: ما تفضل به على الذين اتقوا، وآمنوا برسوله - ﷺ - من الأجر المضاعف، وقال الكلبيّ: هو رزق الله، وقيل: نعم الله التي لا تحصى، وقيل: هو الإِسلام. وقيل (١): إن ﴿لا﴾ في ﴿لئلا﴾ غير مزيدة، وضمير ﴿لا يقدرون﴾ للنبيّ - ﷺ - وأصحابه، والمعنى: لئلا يعتقد أهل الكتاب أنه لا يقدر النبي، والمؤمنون على شيء من فضل الله الذي هو عبارة عما أوتوه. والأول أولى.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ﴾ بلا المزيدة. وقرأ خطاب بن عبد الله ﴿لآن يعلم﴾. وقرأ عبد الله، وابن عباس، وعكرمة، وعبد الله بن سلمة ﴿ليعلم﴾ وقرأ الجحدري ﴿لِيَنْيَعَلَمَ﴾، أصله: لأن يعلم، قلبت الهمزة ياء لكسرة ما قبلها، وأدغم النون في الياء بغير غنة كقراءة خلف ﴿أن يَضْرب﴾ بغير غنّةٍ، وروى ابن مجاهد عن الحسن ﴿لَيْلًا﴾ مثل: ليلى اسم امرأة، ﴿يعلم﴾ برفع الميم، أصله: لأن لا بفتح لام الجر، وهي لغة فحذفت الهمزة اعتباطًا، وأدغمت النون في اللام، فاجتمعت الأمثال وثقل النطق بها فأبدلوا من الساكنة ياء، فصار ليلًا ورفع الميم لأن ﴿أن﴾ هي المخففة من الثقيلة لا الناصبة للمضارع، إذ الأصل لأنه لا يعلم. وروى قطرب عن الحسن أيضًا ﴿لئلا﴾ بكسر اللام، وتوجيهه كالذي قبله إلا أنه كسر اللام على اللغة المشهورة في لام الجر. وعن ابن عباس ﴿كَيْ يَعْلَم﴾، وعنه: ﴿لِكَيْلا يعلم﴾. وعن عبد الله، وابن جبير، وعكرمة ﴿لكي يعلم﴾. وقرأ الجمهور (٣) ﴿أَلَّا يَقْدِرُونَ﴾ بالنون، فأن هي المخففة من الثقيلة. وقرأ عبد الله بحذفها، فأن هي الناصبة للمضارع. والله أعلم.
الإعراب
﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١٨)﴾.
﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ﴾ ناصب واسمه، ﴿وَالْمُصَّدِّقَاتِ﴾ معطوف على ﴿الْمُصَّدِّقِينَ﴾،

(١) الشوكاني.
(٢) البحر المحيط.
(٣) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon