ولم تعرفه الأمم قديمًا. وقد أشارت إليه الأحاديث. فعن عبد الله بن عمر: "لا يركبنَّ رجل البحر إلا غازيًا أو معتمرًا أو حاجًا؛ فإنَّ تحت البحر نارًا، وتحت النار بحرًا".
وقد أثبت علماء طبقات الأرض - الجيلوجيا - أنَّ الأرض كلها كبطيخة، وقشرتها كقشرة البطيخة؛ أي: إنّ نسبة قشرة الأرض إلى النار التي في باطنها كنسبة قشرة البطيخة إلى باطنها الذي يؤكل، فنحن الآن فوق نار عظيمة؛ أي: فوق بحر مملوء نارًا. وهذا البحر مغطي من جميع جهاته بالقشرة الأرضية المحكمة السدّ عليه. ومن حين إلى آخر تتصاعد من ذلك البحر نار تظهر في الزلازل، والبراكين، كبركان فيزوف الذي هاج بإيطاليا سنة (١٩٠٩ م)، وابتلع مدينة مسيا، والزلزلة التي حدثت باليابان سنة (١٩٢٥ م)، وخرّبت مدنًا بأكملها.
﴿فِي خَوْضٍ﴾ وأصل الخوض: السير في الماء، ثم استعمل في الشروع في كل شيء، وغلب في الخوض في الباطل. كالإحضار فإنه عامّ في كل شيء، ثم غلب استعماله في الإحضار للعذاب.
﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣)﴾؛ أي: يدفعون دفعًا عنيفًا شديدًا بأن تغل أيديهم إلى أعناقهم، وتجمع نواصيهم إلى أقدامهم، ويدفعون إلى النار، ويطرحون فيها. والدع: الدفع الشديد، وأصله أن يقال للعاثر: دع دع. أصله: يدععون بوزن يفعلون، نقلت حركة العين الأولى إلى الدال فسكنت، فأدغمت في العين الثانية. وقوله: ﴿دَعَاَ﴾ وزنه فعل، أدغمت العين في اللام. وفي "المختار": دعَّه دفعه، وبابه ردّ. ومنه قوله تعالى: ﴿فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (٢)﴾.
﴿اصْلَوْهَا﴾ في "المصباح": صلي بالنار، وصليها صلي من باب تعب وجد حرها والصلاء وزان كتاب حر النار، وصليت اللحم أصليه من باب رمي شويته. وأصله: اصليوها، قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح ثم حذفت لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة.
﴿فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ﴾ النعيم: الدعة، والراحة، والتنعم، والترفه. والاسم النعمة بالفتح. قال الراغب: النعيم: النعمة الكثيرة، وتنعم تناول ما فيه النعمة وطيب العين، ونعمه تنعيمًا جعله في نعمة، أي: لين عيش. وفي "البحر": التنعم


الصفحة التالية
Icon