قال الله سبحانه جلَّ وعلا:
﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (٣٦) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (٣٧) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٣٨) أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (٣٩) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٠) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤١) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٣) وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (٤٤) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٤٧) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (٤٨) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (٤٩)﴾.
المناسبة
قوله تعالى: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥)...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (١) أثبت رسالة محمد - ﷺ -، ورد عليهم ما زعموا من أنه كاهن، أو شاعر، أو مجنون، وأمره أن يذكر الناس، ويبشرهم، وينذرهم، ولا يأبه لمقالتهم، فالله ناصره عليهم.. انتقل إلى الرد عليهم في إنكارهم للخالق كما هو شأن الدهريين، أو في ادعائهم لله شريكًا كما هو شأن كثير من العرب الذين قالوا: الملائكة بنات الله، وقالوا: ما نعبد الأوثان، والأصنام إلا ليقربونا إلى الله زلفى، وبعد أن أقام عليهم الحجة في كل ذلك، وسد عليهم المسالك.. طلب إليه أن يتوكل عليه، وأن يعلم أن كيدهم لا يضره شيئًا، فالله ناصره عليهم، وسيظهر دينه، ويتم له الغلبة والفلج عليهم.
قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا...﴾ الآيات إلى آخر السورة، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر مزاعمهم في النبوة، وبين فسادها بما لم يبق بعده وجه للعناد والمكابرة. ثم أعقبه بالرد عليهم في جحوده للألوهية إما بإنكارها بتاتًا، وإما بادعاء الشريك، أو باتخاذه الولد، سبحانه وتعالى

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon