منكم ذلك. فإذا فعلتم ذلك.. رفع الله سبحانه منازلكم في جناته، وجعلكم من الأبرار الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً...﴾ الآيتين، مناسبتهما لما قبلهما: أنه لما كان المؤمنون يتنافسون في القرب من مجلس الرسول - ﷺ - لسماع أحاديثه ولمناجاته في أمور الذين، وأكثروا في ذلك حتى شق عليه - ﷺ -، وشغلوا أوقاته التي يجب أن تكون موزعة بين إبلاغ الرسالة والعبادة والقيام ببعض وظائفه الخاصة، فإنه بشر يحتاج إلى قسط من الراحة، وإلى التحنث إلى ربّه في خلواته.. أمرهم الله سبحانه وتعالى بتقديم الصدقات قبل مناجاة الرسول والحديث معه؛ لما في ذلك من منافع ومزايا:
١ - إعظام الرسول، وإعظام مناجاته؛ فإن الشيء إذا نيل مع المشقة استعظم، وإن نيل بسهولة لم يكن له منزله ورفعة شأن.
٢ - نفع كثير من الفقراء بتلك الصدقات المقدمة قبل المناجاة.
٣ - وتمييز المنافقين الذين يحبون المال ويريدون عرض الدنيا من المؤمنين حق الإيمان الذين يريدون الآخرة وما عند الله من نعيم مقيم.
قال ابن عباس: أكثروا المسائل على رسول الله - ﷺ - حتى شقوا عليه، وأراد الله أن يخفّف عن نبيه، وأنزل هذه الآيات، فكفّ كثير من الناس عن المناجاة.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا...﴾ الآيات، سبب نزول هذه الآيات (١): ما أخرجه الحاكم، وصححه عن عائشة قالت: تبارك الذي وسع سمعه كل شيء، إني لأسمع لام خولة بنت ثعلبة، ويخفى علي بعضه، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله - ﷺ - وتقول: يا رسول الله! أكل شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبر سني، وانقطع ولدي ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك. فما

(١) لباب النقول.


الصفحة التالية
Icon