قلت: شعيرة، قال: "إنك لزهيد"؟ فنزلت: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ...﴾ الآية. فخفف الله عن هذه الأمّة. قال الترمذي: حسن.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ﴾ سبحانه وتعالى، وأجاب: ﴿قَوْلَ الَّتِي﴾؛ أي: دعاء المرأة التي ﴿تُجَادِلُكَ﴾ وتخاصمك وتراجعك أيّها الرسول الكريم الكلام ﴿فِي﴾ شأن ﴿زَوْجِهَا﴾ أوس بن الصامت. واسمها خولة بنت ثعلبة - كما مرّ - وتلك المجادَلة: أنّها كلما قال لها رسول الله - ﷺ -: "حرمت عليه".. كانت تقول: والله ما ذكر طلاقًا؛ أي: أجاب الله سبحانه دعاءها؛ بأن أنزل سبحانه حكم الظهار على ما يوافق مطلوبها. و ﴿سَمِعَ﴾ هنا مجاز مرسل (١) عن أجاب بعلاقة السببية.
والمجادلة: المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة، والمراد هنا: المكالمة ومراجعة الكلام؛ أي: معاودته.
والمعنى: أي قد أجاب الله دعاء المرأة التي تكالمك في حق زوجها استفتاء، وتراجعك الكلام في شأنه وفيما صدر عنه في حقها من ظهاره إياها بغير وجه مشروع وسبب مقبول.
وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي: ﴿قَدْ سَمِعَ﴾ بإدغام الدال في السين. وقرأ الجمهور بالإظهار. قال خلف بن هشام البزار: سمعت الكسائي يقول: من قرأ ﴿قَدْ سَمِعَ﴾ فأظهر الدال عند السين.. فلسانه أعجمي ليس بعربيّ. ولا يلتفت إلى هذا القول؛ لأن الجمهور على الإظهار.
﴿وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾ سبحانه: عطف على ﴿تُجَادِلُكَ﴾؛ أي: تتضرع إلى الله تعالى، وتظهر ما بها من المكروه والمشقة. وفي (٢) ذكر ﴿قَدْ﴾ إشعار بأن الرسول والمجادلة كانا يتوقعان أن ينزل الله حكم الحادثة، ويفرج عنها كربها؛ لأنها إنما تدخل على ماض متوقع.
وقد مرّ لك أن المجادلة هي خولة بنت ثعلبة بن مالك بن خزاعة الخزرجية،
(٢) روح البيان.