الذل والهوان، وفرقوهم شذر مذر، وجعلوهم عبيدًا أذلاء في بلادهم، والتهموا ثرواتهم، ولم يبقوا لهم إلا النفاية وفتات الموائد، ولله الأمر من قبل ومن بعد، وعسى الله أن يأتي بالفتح ونصر من عنده، فيستيقظ المسلمون من سباتهم، ويثوبوا إلى رشدهم، فيستعيدوا سابق مجدهم، وتدول الدولة لهم:
فيومٌ لَنَا وَيَوْمٌ عَلَيْنَا | وَيَوْمٌ نُسَاءُ وَيَوْمٌ نُسَرُّ |
وقرأ الجمهور (١): ﴿شَتَّى﴾ بألف التأنيث، ومبشر بن عبيد منونًا، جعلها ألف الإلحاق وعبد الله ﴿وقلوبهم أشت﴾؛ أي: أشد تفرقًا. ومما ورد في استعمال ﴿شَتَّى﴾ في كلام العرب قول الشاعر:
إِلَى اللهِ أَشْكُوْ فِتْيَةً شَقّتِ الْعَصَا | هِي الْيَوْمَ شَتّى وَهْيَ أَمْسِ جَمِيْعُ |
وفي هذا: تشجيع للمؤمنين على قتالهم، وحث للعزائم الصادقة على حربهم؛ فإن المقاتل متى عرف ضعف خصمه.. ازداد نشاطًا، وازدادت حميته، وكل ذلك من أسباب نصرته عليه.
تنبيه (٢): على أن اللائق بالمؤمن الاتفاق والاتحاد صورة ومعنى، كما كان المؤمنون متفقين في عهد النبي - ﷺ -. ويقال: الاتفاق قوة، والافتراق هلكة، والعدو إبليس يظفر في الافتراق بمراده. قال سهل: أهل الحق مجتمعون أبدًا موافقون، وإن تفرقوا بالأبدان وتباينوا بالظواهر، وأهل الباطل متفرقون أبدًا وإن
(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.
(٢) روح البيان.