وفي الآية أيضًا: أن من استمع الله ورسوله والورثة إلى كلامه.. فسائر الناس أولى.
روي: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مر بهذه المرأة في خلافته، وهو على حمار والناس معه، فاستوقفته طويلًا ووعظته، وقالت: يا عمر! قد كنت تدعى عميرًا، ثم قيل لك: عمر، ثم قيل لك: أمير المؤمنين، فاتق الله يا عمر؛ فإنه من أيقن الموت.. خاف الفوت، ومن أيقن الحساب.. خاف العذاب. وهو واقف يسمع كلامها، فقيل له: يا أمير المؤمنين أتقف لهذه العجوز هذا الوقوف الطويل؟ فقال: والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره ما زلت إلا للصلاة المكتوبة، أتدرون من هذه العجوز؟ هي خولة بنت ثعلبة، سمع الله قولها من فوق سبع سماوات، أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر؟!
ثم اعلم: أنه من أكبر الذنوب أن يقول الرجل لأخيه: اتق الله، فيقول في جوابه: عليك نفسك؛ أي: الزم نفسك، أنت تأمرني بهذا؟! وذلك لأنه إذا ذكر اسم الله.. يلزم التعظيم له، سواء صدر من مسلم أو كافر، وأعلم الناس لا يستغني عن تنبيه وإيقاظ، وقد قيل: اللائق بالعاقل أن يكون كالنحل يأخذ من كل شيء ثم يخرجه عسلًا، فيه شفاء من كل داء، وشمعًا له منافع لا سيما الضياء، فطالب الحكمة يأخذها من كل مقام سواء قعد أو قام.
الْمَرْءُ لَوْلَا عُرْفُهُ فَهُوَ الدُّمَى | وَالْمِسْكُ لَوْلَا عَرْفُهُ فَهُوَ الدَّمُ |
ومعنى الآية: أي قد قبل الله سبحانه شكوى المرأة التي تجادلك يا محمد في شأن زوجها، وبثت أمرها إلى ربها، وسمع ما سمع من تحاورها معك، والله سميع لما يقال، خبير بحال عباده، فأنزل فيها ما أزال غصتها، وفرج كربتها، وأقر به عينها، وبلّ به ريقها، وأرجع إلى كنفها صبيتها الذين كانوا مصدر شقوتها، وبهم اغتسلت - تعللت واحتجت - على رسوله - ﷺ -.
٢ - ثم بيّن سبحانه شأن الظهار في نفسه، وذكر حكمه، فقال: ﴿الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ﴾ أيها المؤمنون؛ أي: يحرمون نساءهم على أنفسهم كتحريم الله عليهم ظهور