٢ - أنه ذكر في السابقة المعاهدين من أهل الكتاب، وذكر هنا المعاهدين من المشركين.
وعبارة أبي حيان هنا (١): ومناسبة هذه السورة لما قبلها: أنه لما ذكر فيما قبلها حالة المنافقين والكفار افتتح هذه بالنهي عن موالاة الكفار والتودد إليهم. انتهت.
الناسخ والمنسوخ فيها: قال ابن حزم (٢): سورة الممتحنة فيها من المنسوخ ثلاث آيات:
أولاهن: قوله تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ...﴾ الآية (٨)، نسخت بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ...﴾ الآية (٩). وهذا مما نسخ فيه العموم بتفسير الخصوص.
الثانية: قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ...﴾ الآية (١٠)، فنسخت بقوله تعالى: ﴿فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ...﴾ الآية (١٠). وقيل: نسخت بقوله تعالى: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ...﴾ الآية.
الثالثة: قوله تعالى: ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ...﴾ إلى قوله: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ...﴾ الآية (١١)، نسخت بآية السيف.
فضلها: ومما ورد في فضلها: ما روي (٣) عن النبي - ﷺ -: "من قرأ سورة الممتحنة.. كان له المؤمنون والمؤمنات شفعاءَ يوم القيامة". ذكره "البيضاوي" ولكن هذا حديث لا أصل له.
فائدة: في ذكر تسمية هذه السورة بالممتحنة - بكسر الحاء - على صيغة اسم الفاعل: لعل (٤) هذا الاسم مأخوذ من قوله تعالى فيما بعد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ﴾. أمر الله المؤمنين هناك بالامتحان، فهم الممتحنون - بكسر الحاء - حقيقة، وأضيف الامتحان إلى السورة مجازًا، فسميت بسورة الممتحنة للمبالغة. ويحتمل أن يكون المراد الجماعة

(١) البحر المحيط.
(٢) ابن حزم.
(٣) البيضاوي.
(٤) روح البيان بتصرف.


الصفحة التالية
Icon