مراداتها. وأصل عداوة النفس: أن تقطعها من مألوفاتها، وتحبسها في مجلس المجاهدة. وعلامة حب الله: بغض عدو الله. وقال - ﷺ -: "أفضل الإيمان: الحب في الله والبغض في الله".
والمعنى (١): ومن يفعل هذه الموالاة، ويبلغ أخبار الرسول - ﷺ - لأعدائه.. فقد جار عن قصد الطريق التي توصل إلى الجنة ورضوان الله تعالى.
٢ - ثم ذكر أمورًا أخرى تمنع موالاتهم، فقال:
١ - ﴿إِنْ يَثْقَفُوكُمْ﴾؛ أي: يظفروا بكم، ويتمكتوا منكنم ﴿يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً﴾؛ أي: يظهروا لكم ما في قلوبهم من العداوة، ويرتبوا عليها أحكامها، ولا ينفعكم إلقاء المودة إليهم. أو إن يلقوكم ويصادفوكم.. يظهروا لكم العداوة. والمعنيان متقاربان. والثَّقَفُ (٢): الحذق في إدراك الشيء وفعله، ومنه: المثاقفة: وهي: طلب مصادفة الغرة في المسابقة؛ أي: إن يظفر بكم هؤلاء الذين تسرون إليهم بالمودة.. يكونوا حربًا عليكم ويفعلوا بكم الأفاعيل.
٢ - ﴿وَيَبْسُطُوا﴾ يمدوا ويطيلوا ﴿إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ﴾ بالسوء. أي: بالقتل والأسر والضرب. ﴿و﴾ يبسطوا إليكم ﴿أَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ﴾؛ أي: بالشتم والسب والطعن في دينكم.
والمعنى: أي ويمدوا أيديهم وألسنتهم لقتالكم وأذاكم وسبكم وشتمكم، فكيف ترونهم على هذه الحال، وتتخذونهم أصدقاء وأولياء؟!. ﴿وَوَدُّوا﴾؛ أي: تمنوا ﴿لَوْ تَكْفُرُونَ﴾ بربكم؛ أي: ارتدادكم وكونكم مثلهم في الكفر الذي هم عليه، فعداوتهم لكم كامنة وظاهرة، كقوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾. فكلمة ﴿لَوْ﴾ هنا مصدرية وصيغة الماضي للإيذان بتحقق ودادتهم قبل أن يثقفوهم أيضًا، فهو معطوف على ﴿يبسطوا﴾.
والخلاصة: أن هؤلاء يودون لكم كل ضرر وأذى في دينكم ودنياكم، فكيف بكم بعد هذا تمدون إليهم حبال المودة وتوثقون عرا الإخاء؟ فهذا مما لا يرشد إليه عقل، ولا يهدي إليه دين.
(٢) روح البيان.