بالكلام بهذه الآية على أن لا يشركن بالله شيئًا وما مست يد رسول الله - ﷺ - يد امرأة لا يمكلها). متفق عليه.
١٣ - ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالله ورسوله ﴿لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا﴾؛ أي: لا تتخذوا قومًا من الكفار أولياء وأصدقاء وأحباء وأودّاء. وقوله: ﴿غَضِبَ اللَّهُ﴾ سبحانه، وسخط ﴿عَلَيْهِمْ﴾ صفة قومًا. وهم (١) جميع طوائف الكفرة، وقيل: اليهود خاصة، وقيل: المنافقون خاصة. وقال الحسن: اليهود والنصارى. والأول أولى؛ لأن جميع طوائف الكفر تتصف بأن الله سبحانه غضب عليهم.
أي: لا تتخذوا اليهود والنصارى وسائر الكفار ممن غضب الله عليهم واستحقوا الطرد من رحمته أولياء لكم وأصدقاء، تسرون إليهم بما يضر نشر الدعوة ويحول دون تقدم شؤون الملة.
وقوله تعالى: ﴿قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ﴾ صفة ثانية لـ ﴿قَوْمًا﴾. و ﴿مِنَ﴾ لابتداء الغاية؛ أي: إنهم لا يوقنون بالآخرة ألبتة بسبب كفرهم ﴿كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴾؛ أي: كيأسهم من بعث موتاهم؛ لاعتقادهم عدم البعث؛ لأنهم لا يوقنون بالآخرة البتة بسبب كفرهم، فـ ﴿مِنَ﴾ لابتداء الغاية.
أي: قد يئسوا من خير الآخرة وثوابها؛ لعنادهم رسول الله - ﷺ - المبشر به في كتابهم المؤيد بالآيات البينات والمعجزات الباهرات، فهم قد أفسدوا آخرتهم بتكذيبهم له، وعلموا أن لا سبيل لهم إلى نيل نعيمها كما يئس الكفار من بعث موتاهم؛ لأنهم لا يعتقدون ببعث ولا نشور. وقيل: كما يئس الكفار الذين قد ماتوا منهم من الآخرة؛ لأنهم قد وقفوا على الحقيقة، وعلموا أنه لا نصيب لهم في الآخرة. فـ ﴿مِنَ﴾ بيانية على هذا المعنى. والأول أولى.
والخلاصة (٢): يا أيها الذين آمنوا: لا تتولوا قومًا مغضوبًا عليهم، قد يئسوا من أن يكون لهم حظ في الآخرة؛ لعنادهم رسول الله - ﷺ - وهم يعلمون أنه الرسول المنعوت في التوراة، كما فيض الكفار من موتاهم أن يبعثوا ويرجعوا أحياء.

(١) الشوكاني.
(٢) النسفي.


الصفحة التالية
Icon