قبله، وكذلك محمد أيضًا لم يسم به أحد من العرب، ولا غيرهم، إلى أن شاع قبيل وجوده - ﷺ - وميلاده؛ أي: من الكهان والأحبار أن نبينا يبعث اسمه محمد، فسمى قوم قليل من العرب أبناءهم بذلك رجاء أن يكون أحدهم هو، وهم: محمد بن أحيحة بن الجلاح بن سفيان، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، ومحمد بن البراء البكراوي، ومحمد بن سفيان بن مجاشع، ومحمد بن حمدان الجعفي، ومحمد بن خزاعة السلمي. فهم ستة لا سابع لهم. ثم حمى الله سبحانه كل من تسمى به أن يدعي النبوة أو يدعيها أحد له أو يظهر عليه سبب يشكك أحدًا في أمره حتى تحققت السمتان له - ﷺ - ولم ينازع فيهما، انتهى.
﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ﴾؛ أي (١): الرسول المبشر به الذي اسمه أحمد، كما تدل عليه الآيات اللاحقة. وأما إرجاعه إلى عيسى كما فعله بعض المفسرين، كـ "الشوكاني" و"البيضاوي" و"الخازن" وغيرهم.. فبعيد جدًا، وكون ضمير الجمع راجعًا إلى بني إسرائيل لا ينافي ما ذكرنا؛ لأن نبينا - ﷺ - مبعوث إلى الناس كافة. ﴿بِالْبَيِّنَاتِ﴾؛ أي: بالمعجزات الظاهرة كالقرآن، ونحوه، والباء للتعدية، ويجوز أن تكون للملابسة. ﴿قَالُوا هَذَا﴾ مشيرين إلى ما جاء به، أو إليه - ﷺ - ﴿سِحْرٌ مُبِينٌ﴾؛ أي: ظاهر سحريته بلا مرية، وتسميته - ﷺ - سحرًا للمبالغة، ويؤيده قراءة من قرأ: ﴿هذا ساحر﴾.
والمعنى: أي فحين جاءهم أحمد المبشر به بالأدلة الواضحة والمعجزات الباهرة.. فاجؤوه بالتكذيب والإعراض عنه استكبارًا وعنادًا، وقالوا: إن ما جئت به ما هو إلا ترهات وأباطيل وسحر واضح لا شك. ونحو الآية: قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ...﴾ الآية.
وقرأ الجمهور: ﴿سِحْرٌ﴾؛ أي: ما جاء به من البينات سحر. وقرأ (٢) عبد الله، وطلحة، والأعمش، وابن وثاب، وحمزة، والكسائي: ﴿ساحر﴾؛ أي: هذا الجائي ساحر.
(٢) البحر المحيط.