وفرقة تقول: كان ابن الله، فرفعه إليه.
وفرقة تقول: كان عبد الله ورسوله، فرفعه إليه. فاقتتلوا، وظهرت الفرقتان الكافرتان على الفرقة المؤمنة حتى بعث الله محمدًا - ﷺ -، فظهرت الفرقة المؤمنة على الفرقة الكافرة. فذلك قوله تعالى: ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾؛ أي: قوينا مؤمني قومه بالحجة، أو بالسيف ﴿عَلَى عَدُوِّهِمْ﴾؛ أي: على الذين كفروا، وهو الظاهر، فإيراد العدو إعلام منه أن الكافرين عدو للمؤمنين عداوة دينية. ﴿فَأَصْبَحُوا﴾؛ أي: فصار الذين آمنوا ﴿ظَاهِرِينَ﴾؛ أي (١): غالبين عليهم عالين، من قولهم: ظهرت على الحائط، علوته. وقال قتادة: فأصبحوا ظاهرين بالحجة والبرهان كما سبق؛ لأنهم قالوا فيما روي: ألستم تعلمون أن عيسى عليه السلام كان ينام، والله تعالى لا ينام، وأنه يأكل ويشرب، والله منزه عن ذلك.
وقيل المعنى (٢): فأيدنا الآن المسلمين على الفرقتين الضالتين جميعًا.
والمعنى (٣): أي فنصرنا المؤمنين على من عاداهم، وأمددناهم بروح من عندنا على مقتضى سنتنا. ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ فغلبوا أعداءهم، وظهروا عليهم، كما قال: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾.
وعبارة "الخطيب" هنا: أي صاروا بعدما كانوا فيه من الذلّ ظاهرين، أي: غالبين قاهرين في أقوالهم وأفعالهم، لا يخافون أحدًا، ولا يستخفون منه.
الإعراب
﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوالِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢)﴾.
﴿سَبَّحَ﴾: فعل ماض، ﴿لِلَّهِ﴾: متعلق به، ﴿مَا﴾: اسم موصول فاعل، ﴿فِي السَّمَاوَاتِ﴾: صلته، ﴿وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾: معطوف عليه. والجملة مستأنفة. ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾: مبتدأ وخبر، ﴿الْحَكِيمُ﴾: خبر ثان. والجملة الاسمية معطوفة على الجملة الفعلية. ﴿يَا أَيُّهَا﴾: منادى، ﴿الَّذِينَ﴾: بدل من المنادى، وجملة النداء مستأنفة.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراغي.