وختم الآية (١) هنا بـ ﴿أَلِيمٌ﴾، وفيما بعده بـ ﴿مُهِينٌ﴾؛ لأن الأول متصل بضده وهو الإيمان، فتوعدهم على الكفر بالعذاب الأليم الذي هو جزاء الكافرين، والثاني متصل بقوله: ﴿كُبِتُوا﴾، وهو الإذلال والإهانة، فوصف العذاب بمثل ذلك فقال: ﴿مُهِينٌ﴾.
والمعنى (٢): أي ذلك الذي بيناه لكم من وجوب الكفارة حين الظهار لتقروا بتوحيد الله، وتصدقوا رسوله، وتنتهوا عن قول الزور والكذب، وتتبعوا ما حده الدين من حدود الله، وبينه لكم من فرائض، وللجاحدين بهذه الحدود وغيرها من فرائض الله عذاب مؤلم على كفرهم بها. وأطلق اسم الكافر على متعدي هذه الحدود تغليظًا للزجر، كما مرّ آنفًا، كما قال في المتهاون في أداء فريضة الحج: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾.
والخلاصة (٣): أي ولمن جحد هذه الأحكام، وكذب بها عذاب أليم، فإن عجز عن جميع خصال الكفارة.. لم تسقط عنه، بل هي باقية في ذمته إلى أن يقدر على شيء منها، ولا ينبغي للمرأة أن تدعه يقربها حتى يكفر، كما مرّ، فإن تهاون بالتكفير.. حال الإِمام بينه وبينها، وأجبره على التكفير وإن كان الإجبار بالضرب، ولا شيء من الكفّارات يجبر عليه ويحبس إلا كفارة الظهار وحدها؛ لأن ترك التكفير إضرار بالمرأة، وامتناع من إيفاء حقها.
وروي (٤): أنه لما نزلت هذه الآيات الأربع تلاها رسول الله - ﷺ -، فقال لأوس بن الصامت - رضي الله عنه -: "هل تستطيع عتق رقبة؟ " قال: إذن يذهب جلّ مالي، قال: "فصيام شهرين متتابعين" قال: يا رسول الله! إذا لم آكل في اليوم ثلاث مرات.. كلّ بصري وخشيت أن تعشو عيني، قال: "فإطعام ستين مسكينًا"، قال: لا، إلا أن تعينني عليه، قال: "أعينك بخمسة عشر صاعًا"، وأنا داعٍ لك بالبركة". وتلك البركة بقيت في آله، كما في "عين المعاني".
٥ - ولما ذكر سبحانه المؤمنين الواقفين عند حدوده ذكر المحادين، فقال: {إنَّ
(٢) المراغي.
(٣) المراغي.
(٤) روح البيان.