ساكنان الألف وواو الجماعة، فحذفت الألف. والتجارة: تقليب المال بالبيع والشراء لطلب الربح. ﴿أَوْ لَهْوًا﴾، واللهو: كل ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه؛ كالمزمار والتلفزيون والفيديو، وسائر آلات الملاهي المحرمة. والمراد في هذه الواقعة: صوت الطبل؛ لأنه هو الذي ضربه دحية الكلبي، كما مر. يقال: ألهى عن كذا، إذا شغله عما هو أهم. ﴿انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ الفضّ: كسر الشيء وتفريق بين بعضه وبعض، كفض ختم الكتاب، ومنه: استعير انفض القوم؛ أي: تفرقوا وانتشروا. ﴿قَائِمًا﴾: فيه إعلال بالإبدال، أصله: قاوما بالواو، أبدلت الواو همزة في الوصف حملًا له على فعله في الإعلال، حيث أعل الفعل قوم بقلب الواو ألفًا، فقيل: قام. ﴿وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ من الرزق، والرزق: كل ما ينتفع به، حلالًا كان أو حرامًا، مطعمًا كان أو مشربًا أو ملبسًا أو مفرشًا، كما قال أحمد بن رسلان في "زبده":

يَرْزُقُ مَنْ شَاءَ وَمَنْ شَا أَحْرَمَا وَالرِّزْقُ مَا يَنْفَع وَلَوْ مُحَرّمًا
البلاغة
وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التشبيه التمثيلي في قوله: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾. فقد شبه اليهود حيث لم ينتفعوا بما في التوراة من الدلالة على الإيمان بمحمد - ﷺ - والإلماع إلى بعثته - ﷺ - بالحمار الذي يحمل الكتب ولا يدري ما فيها. ووجه الشبه: عدم الانتفاع بما هو حاصل وكائن، فالحمار يمشي في طريقه وهو لا يبيح بشيء مما يحمله على ظهره إلا بالكدّ والتعب، وكذلك اليهود قرؤوا التوراة أو حفظوها ثم أشاحوا عما انطوت عليه من دلائل، وإرهاصات على نبوة محمد - ﷺ -.
ومنها: تخصيص التشبيه فيه بالحمار لزيادة التحقير والإهانة ولنهاية التهكم والتوبيخ بالبلادة؛ إذ الحمار هو الذي يذكر بالبلادة، والبقر وإن كان مشهورًا بالبلادة إلا أنه لا يلائم الحمل كما مرّ.
ومنها: تأكيد التشبيه بزيادة الكاف كما في "الكواشي".


الصفحة التالية
Icon