١ - أنهم إذا طلب منهم أن يتقدموا إلى الرسول - ﷺ - ليستغفر لهم على ما فرط منهم من الذنوب.. أمالوا رؤوسهم وأعرضوا استكبارًا وأنفة أن يفعلوا.
٢ - أنهم قالوا: لئن رجعنا من وقعة بني المصطلق - قبيلة من اليهود - إلى المدينة.. لنخرجن الأذلاء محمدًا وأصحابه منها.
ثم نعى عليهم ما قالوا بأنهم قوم لا حلوم لهم، ولا هم يفقهون جليل قدرة الله وبديع صنعه.
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما حكى مقال المنافقين من أنهم الأعزاء وأن المؤمنين هم الأذلاء اغترارًا بما لهم من مال ونشب، وأن ذلك هو الذي صدهم عن طاعة الله وجعلهم يعرضون عن الإيمان بالله إيمانًا حقًا، ويؤدون فرائضه ويقومون بما يقربهم من رضوانه.. أردف ذلك نهي المؤمنين أن يكونوا مثلهم في ذلك، بل عليهم أن يلهجوا بذكر الله آناء الليل وأطراف النهار، ويؤدوا ما فرض عليهم من العبادات، ولا يشغلهم عن ذلك زخرف هذه الحياة من مال ونشب أولاد وجاه، فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل. ثم أمرهم أن ينفقوا أموالهم في أعمال البر والخير ولا يؤخروا ذلك حتى يحل الموت فيندموا، حيث لا ينفع الندم، ويتمنوا أن يطيل الله أعمارهم ليعوضوا بعض ما فاتهم، ولكن أنى لهم ذلك؟ ولكل نفس أجل محدود لا تعدوه، والله خبير بما يعملون، وهو مجازيهم على أعمالهم، إن خيرًا وإن شرًا.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ...﴾ الآية، سبب نزولها (١): ما أخرجه البخاري (ج/
١٠ - ص/ ٢٩٦) عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم قال: كنت في غزاة فسمعت عبد الله بن أبيّ يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، ولئن رجعنا من عنده ليخرجن الأعز منها الأذل، فذكرت لعمي أو لعمر، فذكره للنبي - ﷺ -، فدعاني فحدثته، فأرسل رسول الله - ﷺ - إلى عبد الله بن أبيّ

(١) البخاري.


الصفحة التالية
Icon