بذاتها متوجهة إلى الإنسان متوقفة على إذنه تعالى أن تصيبه.
وهذا لا يعارض قوله تعالى في سورة الشورى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾؛ أي: بسبب معاصيكم، ويتجاوز عن كثير منها ولا يعاقب عليها. أما أولًا: فلأن هذا القول في حق المجرمين، فكم من مصيبة تصيب من أصابته لأمر آخر من كثرة الأجر للصبر وتكفير السيئات لتوفية الأجر، إلى غير ذلك، وما أصاب المؤمنين فمن هذا القبيل. وأما ثانيًا: فلأن ما أصاب من ساء بسوء فعله فهو لم يصب إلا بإذن الله وإرادته أيضًا، كما قال تعالى: ﴿قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾؛ أي: إيجادًا وإيصالًا، فسبحان من لا يجري في ملكه إلا ما يشاء.
والمعنى: أي ما أصاب كل أحد مصيبة من المصائب إلا بإذن الله تعالى؛ أي: بقضائه وقدره. قال الفراء: ﴿إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾؛ أي: بأمر الله. وقيل: إلا بعلم الله.
قيل: سبب نزولها: أن الكفار قالوا (١): لو كان ما عليه المسلمون حقًا لصانهم الله عن المصائب في أموالهم وأبدانهم في الدنيا. فبين الله سبحانه أن ذلك إنما يصيبهم بتقديره ومشيئته، وفي إصابتها حكمة لا يعرفها إلا هو:
منها: تحصيل اليقين بأن ليس شيء من الأمر في أيديهم، فيبرؤون بذلك من حولهم وقوتهم إلى حول الله وقوته.
ومنها: ما سبق آنفًا من تكفير ذنوبهم وتكثير مثوباتهم بالصبر عليها والرضا بقضاء الله تعالى إلى غير ذلك.
ولو لم يصب الأنبياء والأولياء عن الدنيا وما يطرأ على الأجسام من الآلام والأوجاع.. لافتتن الخلق بما ظهر على أيديهم من المعجزات والكرامات.
﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ﴾؛ أي: يصدق به، ويعلم أنه لا يصيبه مصيبة إلا بإذن الله. والاكتفاء بالإيمان بالله لأنه الأصل ﴿يَهْدِ قَلْبَهُ﴾؛ أي: يوفق قلبه عند إصابتها للثبات والاسترجاع، فيثبت ولا يضطرب بأن يقول قولًا ويظهر وصفًا يدل على التضجر من قضاء الله وعدم الرضا به، ويسترجع ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون. ومن عرف