ومنها: المقابلة بين جزاء المؤمنين وجزاء الكافرين في قوله: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا...﴾ الآية، وفي قوله: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ﴾.
ومنها: الاستعارة التمثيلية في قوله: ﴿ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾. شبهت حال الفريقين المتمكنين من اختيار ما يؤدي إلى سعادة الآخرة، فاختار كل فريق ما يشتهيه مما كان قادرًا عليه بدل ما اختاره الآخر. وشبهه بحال المتبادلين بالتجارة، وشبه ما يتفرع عليه من نزول كل منهما منزلة الآخر بالتغابن؛ لأن التغابن تفاعل من الغبن، وهو أخذ الشيء من صاحبه بأقل من قيمته، وهو لا يكون إلا في عقد المعاوضة ولا معاوضة في الآخرة فإطلاق التغابن علي ما يكون فيها إنما هو بطريق الاستعارة التمثيلية. وفي الآية أيضًا فن التهكم؛ لأنه يتهكم بالأشقياء، لأن نزولهم منازلهم في النار ليس بغبن.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ﴾.
ومنها: التكرار في قوله: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ للتأكيد والإيذان بالفرق بين الطاعتين في الكيفية، وتوضيح مورد التولي في قوله: ﴿فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ﴾؛ أي: أعرضتم عن إطاعة الرسول، كما مر في مبحث التفسير.
ومنها: إظهار الرسول مضافًا إلى نون العظيمة في مقام إضماره؛ لتشريفه - ﷺ -، والإشعار بمدار الحلم الذي هو كون وظيفته - ﷺ - محض البلاغ، ولزيادة تشنيع التولي عنه - ﷺ -.
ومنها: إظهار الجلالة في قوله: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ في موضع الإضمار، للإشعار بعلية التوكل، والأمر به. فإن الألوهية مقتضية للتبتل إليه تعالى، وقطع التعلق عما سواه بالمرة.
ومنها: الإتيان بـ ﴿مِنْ﴾ التبعيضية في قوله: ﴿إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ﴾ إشعارًا بأن منها ما ليس بعدو بل هو عون على الدنيا والآخرة.
ومنها: الحث على العفو والصفح في قوله: ﴿وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا﴾ إشعارًا بأنه ليس المراد من الأمر بالحذر وتركهم بالكلية والإعراض عن معاشرتهم ومصاحبتهم، كيف؟ والنساء من أعظم نعم الجنة، وبها نظام العالم. فإنه لولا الأزواج لما وجد الأنبياء والأولياء والعلماء والصلحاء، وإنما يحذر من التعلق بها،