٢ - طلاق بدعة، وهو: أن يطلقها حين الحيض، أو في طهر قد واقعها فيه فلا يدري أحملت أم لا؟ والسرّ في هذا (١): أنه بعمله هذا أطال عليها العدة؛ لأن هذه الحيضة لا تحسب في العدة، وكذا الطهر الذي بعدها؛ لأنها إنما تكون بثلاث حيضات كوامل.
٣ - طلاق لا هو سنة ولا بدعة، وهو: طلاق الصغيرة، والآيسة من الحيض، وغير المدخول بها. وقد روي عن إبراهيم النخعي: أن أصحاب رسول الله - ﷺ - كانوا يستحبون أن لا يطلقوا أزواجهم للسنة إلا واحدة، ثم لا يطلقون غير ذلك حتى تنقضي العدة، وما كان أخس عندهم من أن يطلق الرجل ثلاث تطليقات. وقال مالك بن أنس: لا أعرف طلاقًا إلا واحدة، وكان يكره الثلاث متفرقة أو مجموعة. وأبو حنيفة وأصحابه يكرهون ما زاد على الواحدة في طهر واحد. وعند الشافعي: لا بأس بإرسال الثلاث، وقال: لا أعرف في عدد الطلاق سُنة، ولا بدعة، بل هو مباح.
والخلاصة: أن مالكًا يراعي في طلاق السنة الواحدة والوقت، وأن أبا حنيفة يراعي التفريق والوقت، والشافعي يراعي الوقت وحده.
﴿وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ﴾؛ أي: واحفظوا عدة الأقراء بحفظ الوقت الذي وقع فيه الطلاق، وأكملوها ثلاثة أقراء كوامل لا نقصان فيهن؛ أي: ثلاث حيض، كما عند أبي حنيفة؛ لأن الغرض من العدة استبراء الرحم، وكماله بالحيض الثلاث لا بالأطهار، كما يغسل الشيء ثلاث مرات لكمال الطهارة؛ أي: واحفظوا العدة واحفظوا الوقت الذي وقع في الطلاق، واعرفوا ابتداءها وانتهاءها؛ لئلا تطول على المرأة، واحفظوا الأحكام والحقوق التي تجب فيها.
والمخاطب بالإحصاء هم الأزواج لا الزوجات ولا المسلمون كما قيل، وإلا.. يلزم تفكيك الضمائر، ولكن الزوجات داخلة فيه بالإلحاق، وإنما خوطب الأزواج بذلك دون النساء؛ لأنهم هم الذين تلزمهم الحقوق والمؤن المرتبة عليها.
وقال أبو الليث: أمر الرجال بحفظ العدة: لأن في النساء غفلة، فربما لا

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon