عاقبة ما هو فاعل، فلعل الله يحدث في قلبه بعد ذلك التعدي أمرًا يدعو إلى عكس ما فعل؟ فيبدل البغض محبّة والإعراض إقبالًا، ولا يمكن له تدارك ذلك برجعة أو استئناف نكاح، فتضيع الفرصة ويندم، ولات ساعة مندم.
تنبيه: الشريعة الإسلامية وإن أباحت الطلاق.. بغضت فيه وقبحته وبينت أنه ضرورة لا يلجأ إليها إلا بعد استنفاد جميع الوسائل؛ لبقاء رباط الزوجية الذي حببت فيه وجعلته من أجل النِّعم، فرغبت في إرسال حَكَم من أهله وحَكَم من أهلها قبل حدوث الطلاق؛ لعلهما يزيلان ما بين الزوجين من نفور، كما رغبت في أن تكون الطلقات الثلاث متفرقات؛ لعل النفوس تصفو بعد الكدر والقلوب ترعوي عن غيها، ولعلهما يندمان على ما فرط منهما، فتكون الفرصة مواتية ويمكن الرجوع إلى ما كانا عليه، بل قد يعودان إلى حال أحسن مما كانا عليه.
روى أبو داود عن محارب بن دثار: أن رسول الله - ﷺ - قال: "ما أحل الله شيئًا أبغض إليه من الطلاق". وروى الثعلبي من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله - ﷺ -: "إن من أبغض الحلال إلى الله الطلاق". وعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله - ﷺ -: "لا تطلقوا النساء إلا من ريبة، فإن الله عَزَّ وَجَلَّ لا يحب الذواقين ولا الذواقات"، وعن ثوبان: أن رسول الله - ﷺ - قال: "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس به.. حرم الله عليها رائحة الجنة" أخرجه أبو داود والترمذي.
٢ - ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ﴾؛ أي: شارفن وقاربن ﴿أَجَلَهُنَّ﴾؛ أي: آخر عدتهن وانقضاء أجلها ومدتها، وهي (١): مضي ثلاثة أقراء، ولو لم تغتسل من الحيضة الثالثة، وذلك لأنه لا يمكن الرجعة بعد بلوغهن آخر العدة، فحمل البلوغ على المشارفة، كما قال في "المفردات": البلوغ والبلاغ: الانتهاء إلى أقصى القصد والمبتغى، مكانًا كان أو زمانًا، أو أمرًا من الأمور المقدرة، وربما يعبر به عن المشارفة عليه وإن لم ينته إليه؟ مثل: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ...﴾ إلخ، فإنه للمشارفة، فإنها إذا انتهت إلى أقصى الأجل.. لا يصح للزوج مراجعتها وامساكها. والأجل: المدة المضروبة للشيء. وقرأ الجمهور: ﴿أَجَلَهُنَّ﴾ بالإفراد والضحاك وابن سيرين: ﴿أجالهن﴾ بالجمع.