فقال: "إن تفعل فقد خلا أجلها".
﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ...﴾ الخ؛ أي: ومن يخف الله ويرهبه فيؤدي فرائضه ويجتنب نواهيه.. يسهل عليه أموره، ويجعل له من كل ضيق فرجًا، وينزله طريق الهدى في كل ما يعرض له من المشكلات، فإن في قلب المؤمن نورًا يهديه إلى حلِّ عويصات الأمور. وفي الآية الماء إلى فضيلة التقوى في أمور الدنيا والآخرة، وأنها المخرج من كل ضيق يعرض المرء فيهما.
٥ - ﴿ذَلِكَ﴾ المذكور من الأحكام. وإفراد (١) الكاف مع أن الخطاب للجمع كما يفصح عنه ما بعده، لما أنها لمجرد الفرق بين الحاضر والمنقضي لا لتعيين خعصوصية المخاطبين. ﴿أَمْرُ اللَّهِ﴾؛ أي: حكمه الشرعي ﴿أَنْزَلَهُ﴾ من اللوح المحفوظ ﴿إِلَيْكُمْ﴾؛ أي: إلى جانبكم. وقال أبو الليث: أنزله في القرآن على نبيكم لتستعدوا للعمل به، فإياكم ومخالفته.
والمعني: أي هذا الذي شرع لكم من الأحكام السابقة في الطلاق والسكنى والعدة هو أمر الله الذي أمركم به، وأنزله إليكم لتأتمروا به وتعملوا وفق نهجه.
ثم كرر الأمر بالتقوى؛ لأنها ملاك الأمر وعماده في الدنيا والآخرة فقال: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ﴾ بالمحافظة على أحكامه ﴿يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ﴾؛ أي: يسترها لرضاه عنه باتقائه، وربما يبدلها حسنات. ﴿وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾ بالمضاعفة، وهو الجنة. قال بعضهم: يعطيه أجرًا عظيمًا أَيَّ أجرٍ كان، ولذلك نُكِّرَ، فالتنكير للتعيم المنبىء عن التعميم.
والمعنى: أي ومن يخف الله فيؤد فرائضه ويجتنب نواهيه.. يمسح عنه ذنوبه، كما وعد ذلك في كتابه: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾، ويجزل له الثواب على يسير الأعمال.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿وَيُعْظِمْ﴾ بالياء مضارع أعظم، وقرأ الأعمش: ﴿نعظم﴾ بالنون، خروجًا من الغيبة إلى التكلم، وقرأ ابن مقسم بالياء والتشديد، مضارع عظم مشددًا.

(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon