وروي عن الإمام أبي حنيفة: أن هذه الآية من أخوف الآيات في القرآن.
وقرأ الجمهور (١): ﴿لِتَعْلَمُوا﴾ بتاء الخطاب. وقرىء بياء الغيبة.
والمعنى (٢): ينزل قضاء الله وأمره بين ذلك كي تعلموا أيها الناس كنه قدرته وسلطانه، وأنه لا يتعذر عليه شيء أراده، ولا يمتنع عليه أمر شاءه، فهو على ما يشاء قدير. ولتعلموا أن الله بكل شيء من خلقه محيط علمًا، لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر. فخافوا أيها المخالفون أمر ربكم؛ فإنه لا يمنعه من عقوبتكم مانع، وهو قادر على ذلك ومحيط بأعمالكم، لا يخفى عليه منها خاف، وهو محصيها عليكم ليجازيكم بها يوم تجزى كل نفس بما كسبت واكتسبت.
الإعراب
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾.
﴿يَا أَيُّهَا﴾: منادى نكرة مقصودة، ﴿النَّبِيُّ﴾: صفة لـ ﴿أيُّ﴾ أو بدل منه، أو عطف بيان، وجملة النداء مستأنفة. ﴿إِذَا﴾: ظرف لما يستقبل من الزمان ﴿طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾: فعل وفاعل ومفعول به، والجملة في محل الخفض بإضافة ﴿إِذَا﴾ إليها على كونها فعل شرط لها، والظرف متعلق بالجواب. ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ﴾: ﴿الفاء﴾ رابطة لجواب ﴿إذا﴾ ﴿طلقوهن﴾: فعل وفاعل، ومفعول به، والجملة جواب ﴿إذا﴾ الشرطية، لا محل لها من الإعراب، وجملة ﴿إذا﴾ الشرطية جواب النداء، لا محل لها من الإعراب. ﴿لِعدَّتِهِنَّ﴾: جار ومجرور متعلق بمحذوف وقع حالًا من مفعول ﴿طلقوهن﴾؛ أي: حالة كونهن مستأنفات ومستقبلات لعدتهن ومتوجهات إليها. وهذا أولى ما قيل في بيان متعلق اللام. وقيل: متعلق بـ ﴿طلقوهن﴾ على تقدير مضاف؛ أي: طلقوهن لاستقبال عدتهن ﴿وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ﴾: فعل وفاعل، ومفعول، معطوف على ﴿طلقوهن﴾، ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾: فعل وفاعل ومفعول، معطوف أيضًا على ﴿طلقوهن﴾، ﴿رَبَّكُمْ﴾: بدل من الجلالة، ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ﴾: فعل مضارع، وفاعل،

(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon