١ - أنه لا مانع من الإباحة بالأسرار إلى من تركن إليه من زوجة أو صديق.
٢ - أنه يجب على من استكتم الحديث أن يكتمه.
٣ - أنه يحسن التطلف مع الزوجات في العتب والإعراض عن الاستقصاء في الذنب.
٤ - ثم وجه الخطاب إلى حفصة وعائشة مبالغة في العتب، فقال: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ﴾ سبحانه. خطاب لحفصة وعائشة رضي الله عنهما، فالالتفات من الغيبة إلى الخطاب للمبالغة في الخطاب، لكن العتاب يكون للأولياء كما أن العقاب يكون للأعداء، كما قيل:

إِذَا ذَهَبَ الْعِتَابُ فَلَيْسَ وُدٌّ وَيَبْقَى الْوُدُّ مَا بَقِيَ الْعِتَابُ
ففيه إرادة الخير لحفصة وعائشة بإرشادهما إلى ما هو أوضح لهما، وجواب الشرط محذوف. و ﴿الفاء﴾ في قوله: ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ لتعليل (١) الجواب المحذوف، كما في قولك: اعبد ربك؛ فالعبادة حق، وإلا فالجزاء يجب أن يكون مرتبًا على الشرط مسببًا عنه، وصغو قلوبهما كان سابقًا على الشرط وكذا الكلام في ﴿وَإِنْ تَظَاهَرَا...﴾ إلخ.
والمعنى: إن تتوبا إلى الله فقد وجد منكما ما يوجب التربة؛ لأنه قد صغت قلوبكما ومالت وعدلت عما يجب عليكما من مخالصة رسول الله - ﷺ - وحب ما يحبه وكراهة ما يكرهه، حيث حصل منكما إفشاء سر الرسول - ﷺ - يقال: صغا عن الحق، يصغو صغوًا، إذا مال وعدل عنه. أو المعنى: فقد صغت ومالت قلوبكما إلى ما يجب للرسول - ﷺ - من إجلال وتعظيم. وجمع القلوب فرارًا من كراهة اجتماع تثنيتين فيما هو كالكلمة الواحدة لو قال: قلباكما؛ لأن العرب تكره ذلك، والجمع (٢) في مثل هذا أكثر استعمالًا من المثنى والتثنية دون الجمع، كما قال الشاعر:
فَتَخَالَسَا نَفْسَيْهِمَا بِنَوَافِذٍ كَنَوَافِذِ الْعَبطِ الَّتِي لَا تُرْفَعُ
وكان هذا هو القياس؛ لأن الأصل: أن يعبر عن المثنى بالمثنى، لكن كرهوا
(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon