صائمات. سمى الصائم سائحًا؛ لأنه يسيح في النهار بلا زاد، فلا يزال ممسكًا إلى أن يجد ما يطعمه، فشبه به الصائم في إمساكه إلى أن يجيء وقت إفطاره.
وقال بعضهم (١): الصوم ضربان:
صوم حقيقي، وهو: ترك المطعم والمشرب والمنكح.
وصوم حكمي، وهو: حفظ الجوارح من المعاصي، كالسمع والبصر واللسان والسائح هو الذي يصوم هذا الصوم دون الأول. انتهى. أو مهاجرات من مكة إلى المدينة، إذ في الهجرة مزيد شرف ليس في غيرها، ما قال ابن زيد: ليس في أمة محمد سياحة إلا الهجرة، والسياحة في الأصل: الجولان في الأرض.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿سَائِحَاتٍ﴾، وعمرو بن فائد ﴿سَيِّحات﴾. وهذه الصفات السابقة تجتمع، وأما الثيوبة والبكارة فلا يجتمعان في ذات واحدة لتنافيهما، فلذلك عطف أحدهما على الآخر في قوله: ﴿ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾. ولو لم يعطف.. لاختل المعنى، فكأنه قيل: أزواجًا خيرًا منكن متصفات بهذه الصفات المذكورة المحمودة، كائنات بعضها ثيبات، تعريضًا لغير عائشة، وبعضها أبكارًا تعريضًا لها، فإنه - ﷺ - تزوجها وحدها بكرًا، وهو الوجه في إيراد ﴿الواو﴾ الواصلة دون ﴿أو﴾ الفاصلة؛ لأنها توهم أن الكل ثيبات أو كلها أبكار. الثيب تمدح من جهة أنها أكثر تجربة وعقلًا وأسرع حبلًا غالبًا، والبكر تمدح من جهة أنها أطهر وأطيب وأكثر ملاعبة ومداعبة غالبًا. وسميت الشيب ثيبًا؛ لأنها ثابت؛ أي: رجعت إلى بيت أبويها، وسميت العذراء بكرًا؛ لأنها على أول حالتها التي خلقت بها.
قال السيوطي - رحمه الله تعالى - (٣): ذكر بعض أهل العلم أن في هذا إشارة إلى مريم البتول، وهي البكر، وإلى آسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وأن الله سيزوجه عليه السلام إياهما في الجنة، كما روي عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال أبو الليث: تكون وليمة في الجنة، وسيجتمع عليها أهل الجنة، فيزوج الله هاتين المرأتين؛ يعني: آسية ومريم، من محمد - ﷺ - كما رواه معاذ بن جبل عن النبي - ﷺ -. وبدأ بالثيب قبل البكر؛ لأن زمن آسية قبل زمن مريم، ولأن أزواج
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.