فصل في التوبة (١)


وقال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب على الفور، ولا يجوز تأخيرها، سواء كانت المعصية صغيرة أو كبيرة، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي.. فلها ثلاثة شروط:
أحدها: أن يقلع عن المعصية.
والثاني: أن يندم على فعلها.
والثالث: أن يعزم على أن لا يعود إليها أبدًا. فإذا اجتمعت هذه الشروط في التوبة.. كانت نصوحًا
وإن فقد شرط منها.. لم تصح توبته. فإن كانت المعصية تتعلق بحق آدمي.. فشروطها أربعة: هذه الثلاثة المتقدمة.
والرابع: أن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت المعصية مالًا ونحوه.. رده إلى صاحبه، وإن كان حدّ قذف أو نحوه.. مكنه من نفسه أو طلب عفوه، وإن كانت غيبة.. أستحله منها. ويجب أن يتوب العبد من جميع الذنوب، فإن تاب من بعضها.. صحت توبته من ذلك الذنب، وبقي عليه ما لم يتب منه. وهذا مذهب أهل السنة، وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على وجوب التوبة.
وعن الأغر بن يسار المزني رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - ﷺ -: "يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم مئة مرة" أخرجه مسلم.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: "والله! إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة" أخرجه البخاري.
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - ﷺ -: "لله أفرح بتوبة عبده المؤمن من أحدكم سقط على بعيره، وقد أضله في أرض فلاة... " الحديث متفق عليه.
وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي - ﷺ - قال: "إن الله
(١) الخازن.


الصفحة التالية
Icon