لِذَنْبِكَ} وهو مغفور له.
قال في "الكشاف": كيف يتقربون وليست الدار دار تقرب؟
قلت: لما كانت حالهم كحال المتقربين يطلبون ما هو حاصل لهم من الرحمة.. سماه تقربًا. وقيل: يتفاوت نورهم بحمسب أعمالهم، فيسألون إتمامه تفضلًا، فيكون قوله: ﴿يَقُولُونَ﴾ من باب: بنو فلان قتلوا زيدًا.
والمعنى (١): أي يسألون ربهم أن يبقي لهم نورهم فلا يطفئه، حتى يجوزوا الصراط حين يقول لهم المنافقون والمنافقات: ﴿انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ﴾، وقد تقدم نحو هذا في سورة الحديد. ويطلبون أيضًا منه أن يستر عليهم ذنوبهم، لا يفضحهم بعقوبتهم عليها حين الحساب. ثم ذكروا ما يطمعهم في إجابة الدعاء، فقالوا: إنك على إتمام نورنا، وغفران ذنوبنا، وكل ما نرجو منك ونطمع، قدير يا ربنا، فاللهم: أجب دعاءنا ولا تخيب رجاءنا.
وقد روي: أن أدناهم منزلة من يكون نوره بقدر ما يبصر موطىء قدمه؛ لأن النور على قدر العمل. وروي: أن السابقين إلى الجنة يقرون على الصراط مثل البرق، ويمر بعضهم كالريح، وبعضهم يحبو حبوًا أو يزحف زحفًا، وهم الذين يقولون: ﴿رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا﴾.
٩ - ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ﴾ الكريم ﴿جَاهِدِ الْكُفَّارَ﴾ المجاهرين للكفر بالسيف والسنان، ﴿وَالْمُنَافِقِينَ﴾؛ أي: المبطنين للكفر، بالحجة واللسان، أو بالوعيد والتهديد، أو بإلقائهم بوجه قهر، أو بإفشاء سرهم. قيل: النفاق مستتر في القلب، ولم يكن للنبي - ﷺ - سبيل إلى ما في القلوب من النفاق والإخلاص إلا بعد إعلام من قبل الله، فأمر عليه السلام بمجاهدة من علمه منافقًا لإعلام الله إياه باللسان دون السيف لحرمة تلفظه بالشهادتين، وأن يجري عليه أحكام المسلمين ما دام ذلك إلى أن يموت.
﴿وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾؛ أي: واشدد على الفريقين، واستعمل الخشونة فيما تجاهدهما به من القتال والمحاجة. قال الحسن: أي جاهدهم بإقامة الحدود عليهم، فإنهم كانوا يرتكبون موجبات الحدود. وفيه (٢) إشارة إلى أن الغلظة على
(٢) روح البيان.