والصلاح. والمراد بكونهما تحتهما: كونهما في حكمهما وتصرفهما بعلاقة النكاح والزواج. و ﴿صَالِحَيْنِ﴾ صفة عبدين؛ أي: كانتا تحت نكاح نبيّين، وفي عصمة رسولين عظيمي الشأن، متمكنين من تحصيل خيري الدنيا والآخرة وحيازة سعادتهما. وإظهار العبدين المراد بهما نوح ولوط لتعظيمهما بالإضافة التشريفية إلى ضمير التعظيم والوصف بالصلاح. وإلا.. فيكفي أن يقال: تحتهما. وفيه بيان شرف العبودية والصلاح.
﴿فَخَانَتَاهُمَا﴾ بيان لما صدر عنهما من الخيانة العظيمة مع تحقق ما ينفيها من صحبة النبي. والخيانة ضد الأمانة، فهي إنما تقال اعتبارًا بالعهد والأمانة؛ أي: فوقعت منهما الخيانة لهما بالكفر والنفاق، والنسبة إلى الجنون، والدلالة على الأضياف ليتعرضوا لهم بالفجور لا بالبغاء، فإنه ما بغت امرأة نبيّ قط. فالبغاء للزوجة أشد في إيراث الأنفة لأهل العار والناموس من الكفر، وإن كان الكفر أشد منه في أن يكون جرمًا يؤاخذ به العبد يوم القيامة، وهذا تصوير لحالهما المحاكية لحال هؤلاء الكفرة في خيانتهم لرسول الله - ﷺ - كما مرّ.
﴿فَلَمْ يُغْنِيَا...﴾ إلخ بيان لما أدى إليه خيانتهما؛ أي: فلم يغن النبيَّان ﴿عَنْهُمَا﴾؛ أي: عن تينك المرأتين بحق الزواج ﴿مِنَ اللَّهِ﴾؛ أي: من عذابه تعالى ﴿شَيْئًا﴾ من الإغناء؛ أي: لم يدفعا العذاب عنهما. ﴿وَقِيلَ﴾ لهما عند موتهما أو يوم القيامة. وصيغة الماضي للتحقيق؛ أي: قالت الملائكة الموكلون بالعذاب لهما: ﴿ادْخُلَا﴾ أي: أيها المرأتان ﴿النَّارَ﴾؛ أي: نار جهنم ﴿مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾؛ أي: مع سائر الداخلين لها من الكفرة الذين لا وصلة بينهم وبين أولياء الله. ذكرن (١) بلفظ جمع المذكر السالم؛ لأنهن لا ينفردن بالدخول، فإذا اجتمعا.. فالغلبة للذكور.
وقطعت هذه الآية طمع من يرتكب المعصية أن ينفعه صلاح غيره من غير موافقة له في الطريقة والسيرة، وإن كان بينه وبينه لحمة نسب أو صلة صهر.
وفي هذا المثل (٢): تعريض بأمي المؤمنين عائشة وحفصة وما فرط منهما، وتحذير لهما على أغلظ وجه وأشده حين تظاهرتا على رسول الله - ﷺ -، وما
(٢) الخازن.