مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ...} الآية.
قوله تعالى: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ...﴾ الآية، سبب نزولها: ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رجلًا أتى النبي - ﷺ - فبعث إلى نسائه، فقلن: ما معنا إلا الماء، فقال رسول الله - ﷺ -: "من يضم أو يضيف هذا"؟ فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطلق به إلى امرأته، فقال: أكرمي ضيف رسول الله - ﷺ -، فقالت: ما عندنا إلا قوت صبياني، فقال: هيئي طعامك وأصبحي سراجك ونوّمي صبيانك إذا أرادوا عشاء، فهيأت طعامها وأصبحت سراجها، ونوّمت صبيانها، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته فجعلا يريانه كأنهما يأكلان، فباتا طاوين، فلما أصبح غدا إلى رسول الله - ﷺ -، فقال: ضحك الله الليلة - أو عجيب - من فعالكما. فأنزل الله عز وجل: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
وأخرج ابن المنذر عن أبي المتوكل الناجي: أن رجلًا من المسلمين... فذكر نحوه، وفيه أن الرجل الذي أضاف هو: ثابت بن قيس بن شماس. فنزلت فيه الآية.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾؛ أي: إن جميع ما في السماوات والأرض من الأشياء يقدسه سبحانه، ويمجّده، إما (١) باللسان أو بالقلب أو بدلالة الحال لانقياده لتصريفه له كيف شاء، لا معقب لحكمه. والتسبيح معناه: تبعيد الله عن السوء، وتطهيره عما لا يليق بشأن ألوهيته. ويكون بالجنان واللسان والحال:
الأول: اعتقاد العبد بتعاليه عما لا يليق بالألوهية، وذلك لأن من معاني التفعيل الاعتقاد بشيء والحكم به؛ مثل: التوحيد، والتمجيد، والتعظيم؛ بمعنى: الاعتقاد بالوحدة، والمجد، والعظمة، والحكم بها.
والثاني: القول بما يدل على تعاليه؛ مثل: التكبير، والتهليل، والتأمين؛ بمعنى: أن يقول: الله أكبر، ولا إله إلا الله، وآمين. وهو المشهور عند الناس.

(١) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon