بيت العزة، ثم نزل جبريل بالقرآن على رسول الله - ﷺ - نجومًا في ثلاث وعشرين سنة - مدة النبوة - بحسب الحاجة يومًا بيوم، آية وآيتين وثلاثًا، وسورة، وقرأ الجمهور: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ﴾ بالرفع. وقرأه بالنصب شاذًا مجاهد وغيره، وفي "القرطبي" (١) ما نصه: قال ابن عباس: أنزل القرآن من اللوح المحفوظ جملة واحدة إلى الكتبة في سماء الدنيا، ثم نزل به جبريل عليه السلام نجومًا؛ يعني: الآية والآيتين في إحدى وعشرين سنة. اهـ.
أو المعنى: أنزل في شأنه القرآن، وهو قوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾، ورمضان مأخوذ من رمض الصائم يرمض إذا احترق جوفه من شدة العطش، و ﴿القرآن﴾ اسم لهذا الكتاب الذي أنزل على رسول الله - ﷺ - حالة كونه. ﴿هُدًى لِلنَّاسِ﴾؛ أي: هاديًا للناس من الشرك والضلالة إلى التوحيد والإيمان ﴿و﴾ حالة كونه آيات ﴿بينات من الهدى﴾؛ أي: آيات واضحات من أمر الدين، من الحرام والحلال، والحدود والأحكام، فالهدى الأول: محمول على أصول الدين، والهدى الثاني: على فروع الدين ﴿و﴾ من ﴿الفرقان﴾؛ أي: ومن الفرق بين الحق والباطل، والمعنى: حالة كونها آيات واضحات كائنات مما يهدي إلى الحق، ومما يفرق بين الحق والباطل، وعطف ﴿الفرقان﴾ على ﴿الْهُدَى﴾ من عطف الخاص على العام، فكل أخص مما قبله ﴿الهدى﴾ صادق بالواضح وغيره كان معه دليل أم لا، والـ ﴿بينات﴾ من الهدى صادقة بوجود الحجج معها أم لا، ﴿وَالْفُرْقَانِ﴾ هو الآيات البينات التي معها حجج، ﴿فَمَنْ شَهِدَ﴾؛ أي: حضر ﴿مِنْكُمُ﴾ أيها المؤمنون هذا ﴿الشَّهْرَ﴾ يعني شهر رمضان ولم يكن في سفر، بل كان مقيمًا صحيحًا؛ أي: فمن كان حاضرًا مقيمًا غير مسافر، فأدركه الشهر ﴿فَلْيَصُمْهُ﴾؛ أي: فليصم في هذا الشهر، فالخطاب للمكلف القادر غير المعذور.
وقال جماعة من السلف والخلف (٢): أن من أدركه شهر رمضان مقيمًا غير مسافر.. لزمه صيامه سافر ذلك أو أقام؛ استدلالًا بهذه الآية. وقال الجمهور:

(١) قرطبي.
(٢) شوكاني.


الصفحة التالية
Icon