ورائه، ثم يقف في صحن داره، فيأمر بحاجته.
ووجه (١) اتصال هذا الكلام بالسؤال عن الأهلة والجواب عنه: أنهم سألوا عن الحكمة في اختلاف حال القمر، وعن حكم دخولهم بيوتهم من غير أبوابها.
﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ﴾ بر ﴿مَنِ اتَّقَى﴾ محارم الله ومخالفة أمره كالصيد، وتوكل على الله في جميع أموره، وقرأ نافع وابن عامر بتخفيف لكنْ ورفع البرُّ، والباقون ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ﴾ بالتشديد والنصب، ﴿وَأْتُوا الْبُيُوتَ﴾ جمع بيت ككعب وكعوب، وقرىء بضم الباء وكسرها؛ أي: وادخلوا بيوتكم في حالة الإحرام ﴿مِنْ أَبْوَابِهَا﴾ التي كنتم تدخلونها وتخرجون منها قبل ذلك؛ إذ ليس في العدول عنها بر، فباشروا الأمور من وجوهها ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾؛ أي: خافوا الله في تغيير أحكامه والاعتراض على أفعاله فيما أمركم به ونهاكم عنه ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾؛ أي: لكي تفوزوا بالخير في الدين والدنيا، والنعيم السرمدي في الآخرة، أو لكي تنجوا من السخط والعذاب.
١٩٠ - ﴿وَقَاتِلُوا﴾؛ أي: جاهدوا أيها المهاجرون، والخطاب للمهاجرين كما قاله ابن جرير ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾؛ أي: في طاعته وطلب رضوانه في الحل والحرم لإعلاء كلمته وإعزاز دينه. وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - ﷺ - عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله - ﷺ -: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا.. فهو في سبيل الله". ﴿الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾؛ أي: الذين يبدؤونكم بالقتال من الكفار؛ يعني: قريشًا، ﴿وَلَا تَعْتَدُوا﴾ عليهم ولا تظلموا بابتداء القتال في الحرم ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾؛ أي: لا يريد الخير بالمتجاوزين الحد بمخالفة أمره ونهيه،
١٩١ - وهذا منسوخ بآية براءة: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً﴾، أو بقوله: ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾؛ أي: في أي محل وجدتموهم فيه من الحل والحرم وإن لم يبدؤوكم ﴿وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾؛ يعني: من مكة، وقد فعل بهم رسول الله - ﷺ - ذلك

(١) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon