أنفسهم بالمسارعة إلى طاعة الله تعالى، أو إلى المطلقات بتمتيعهن؛ لأن المتعة بدل المهر، وسماهم محسنين قبل الفعل باعتبار المشارفة والقرب له ترغيبًا، وتحريضًا لهم على ذلك.
قيل (١): نزلت هذه الآية في شأن رجل من الأنصار تزوج امرأة ولم يسم لها صداقًا، ثم طلقها قبل أن يمسها، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "أمتعتها؟ " قال: لم يكن عندي شيء قال: "متعها ولو بقلنسوات".
واعلم: (٢) أنه اختلف العلماء في المتعة، فقيل: واجبة نظرًا للأمر، ولقوله: ﴿حَقًّا﴾ وبه أخذ الشافعي، وقيل: مندوبة نظرًا لقوله: ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ ولقوله: ﴿عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ وبه أخذ مالك.
٢٣٧ - ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ﴾؛ أي: طلقتم النساء ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾؛ أي: تجامعوهن ﴿وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾؛ أي: والحال أنكم سميتم لهن مهرًا مقدرًا معلومًا ﴿فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾؛ أي: فلهن نصف المهر المسمى ونصفه ساقط، وهذا في المطلقة بعد تسمية المهر، وقبل الدخول حكم الله لها بنصف المهر ولا عدة عليها، وقرأ ابن مسعود شذوذًا: ﴿من قبل أن تجامعوهن﴾ أخرجه عنه ابن جرير، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمر وابن عامر وعاصم: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ بلا ألف، وقراءة حمزة والكسائي ﴿تماسوهن﴾ بالألف من المفاعلة. ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾؛ أي: إلا أن يسامحن المطلقات بإبراء حقها، فيسقط كل المهر، وأن والفعل في موضع النصب على الاستثناء؛ أي: فلهن نصف ما فرضتم في جميع الأوقات إلا وقت عفوهن عنكم من حقهن من نصف المهر، ويتركن لكم، فيسقط كل المهر حينئذ لا نصفه ﴿أَوْ﴾ إلا أن ﴿يَعْفُوَ﴾ ويسامح الزوج ﴿الَّذِي بِيَدِهِ﴾ وسلطنته ﴿عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾؛ أي: عصمة النكاح وعقده؛ أي: يترك الزوج المالك لعقد النكاح وحله حقه من النصف الذي يعود إليه بالتشطير، ويبعث المهر لها كاملًا، فيثبت كل المهر حينئذ لا نصفه.
(٢) الصاوي.