الشيء أولًا، وأصله: المتقدم في السير، ثم تجوّز به في كل تقديم. اهـ.
البلاغة
﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾: فيه وضع اسم الموصول موضع الضمير؛ للإيذان بكمال سوء حالهم من العناد؛ يعني: أنهم قد انتهوا في العناد، وإظهار المعاداة إلى رتبةٍ لو جئتهم فيها بجميع المعجزات.. ما تبعوك، ولا سلكوا طريقك.
﴿وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ﴾: وهذه الجملة أبلغ في النفي من قوله: ﴿مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾ من وجوه: كونها اسميةً، وتكرر الاسم فيها، وكون نفيها مؤكدًا بالباء.
﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ﴾: هذا من باب التهييج والإلهاب للثبات على الحق.
﴿كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾: فيه تشبيه مرسل مفصل؛ أي: يعرفون محمدًا - ﷺ - معرفةً واضحةً كمعرفة أبنائهم الذين من أصلابهم، وخصَّ الأبناء دون البنات أو الأولاد؛ لأن الذكور أعرف وأشهر، وهم لصحبة الآباء ألزم، وبقلوبهم ألصق. والالتفات عن الخطاب إلى الغيبة؛ للإيذان بأن المراد ليس معرفتهم له - ﷺ - من حيث ذاته ونسبه الزاهر، بل من حيث كونه مسطورًا في الكتاب منعوتًا بالنعوت التي من جملتها أنه - ﷺ - يصلي إلى القبلتين، كأنه قيل: الذين آتيناهم الكتاب يعرفون من وصفناه فيه، وبهذا تظهر جزالة النظم الكريم وبلاغة القرآن العظيم.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *


الصفحة التالية
Icon