وعبارة الخازن هنا: معناه: ألكم عهود ومواثيق مؤكَّدة عاهدناكم عليها فاستوثقتم بها منا إلى يوم القيامة؛ أي: لا تنقطع تلك الأيمان والعهود إلى يوم القيامة إن لكم في ذلك العهد لما تحكمون لأنفسكم من الخير والكرامة عند الله تعالى، انتهى.
وقوله: ﴿إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ﴾ جواب القسم، وقيل: قد تمّ الكلام عند قوله: ﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ ثم ابتدأ فقال: ﴿إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ﴾ أي: ليس الأمر كذلك.
وقرأ الجمهور (١): ﴿بَالِغَةٌ﴾ بالرفع على النعت لـ ﴿أَيْمَانٌ﴾. وقرأ الحسن وزيد بن علي بنصبها على الحال من ﴿أَيْمَانٌ﴾؛ لأنّها قد تخصصت بالوصف، أو من الضمير في ﴿لَكُمْ﴾، أو من الضمير في ﴿عَلَيْنَا﴾. وقرأ الأعرج ﴿إن لكم علي﴾ كالتي قبلها على الاستفهام.
والمعنى: أم معكم عهود منا مؤكدة لا نخرج من عهدتها إلى يوم القيامة على أنه سيحصل لكم كل ما تهوون وتشتهون.
وخلاصة ذلك: أم أقسمنا لكم قسما على أنَّ لكم كل ما تحبون.
٤٠ - ثم طلب إلى رسوله - ﷺ - أن يسألهم على طريق التوبيخ والتقريع، فقال: ﴿سَلْهُمْ﴾ أمر من (٢) سأل يسأل بحذف العين وهمزة الوصل. وهو تلوين للخطاب وتوجيه له إلى رسول الله - ﷺ - بإسقاطهم عن درجة الخطاب؛ أي: سل يا محمّد هؤلاء المشركين مبكتًا لهم ﴿أَيُّهُمْ بِذَلِكَ﴾ الحكم الخارج عن المعقول ﴿زَعِيمٌ﴾؛ أي: كفيل متصدٍّ لتصحيحه كفيل لهم بأنَّ لهم في الآخرة ما للمسلمين فيها. والزعيم: هو القائم بالدعوى وإقامة الحجة عليها؛ أي: قل لهم: من الكفيل لهم بتنفيذ هذا الحكم الخارج عن الصواب.
٤١ - ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ﴾؛ أي: بل ألهم ناس يشاركونهم في هذا الرأي والقول الفاسد، ويذهبون مذهبهم، وهو التسوية بين المسلمين والمجرمين في الآخرة. وإن كان الأمر كذلك ﴿فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ﴾ وموافقيهم في هذا الرأي القبيح ﴿إنْ كَانُوا صَادِقِينَ﴾ في دعواهم، وقولهم هذا، إذ لا أقل من التقليد. وهو أمر تعجيز،
(٢) روح البيان.