القيامة حق لا شك فيه، وأن الأمم التي عصت رسلها، وكذّبتهم أصابها الهلاك والاستئصال بألوان من العذاب، فثمود أهلكت بالصاعقة، وعاد أهلكت بريح صرصر عاتية، سلّطها عليهم سبع ليال وثمانية أيّام متتابعة، فصاروا صرعى كأنّهم أصول نخل جوفاء، لم يبق منهم ديار ولا نافخ نار، وكذلك أهلك فرعون وقومه بالغرق، وقوم لوط بالزلزال الشديد الذي قلب قراهم، وجعل عاليها سافلها، وأهلك قوم نوح بالطوفان.
قوله تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣)...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أنَّ الله سبحانه لما قص هذه القصص الثلاثة، ونبه بها على ثبوت القدرة والحكمة، وبها ثبت إمكان وقوع يوم القيامة.. شرع يذكر تفاصيل أحوال هذا اليوم، وما يكون فيه من أهوال.
قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنَّ الله سبحانه وتعالى لما ذكر أنهم يعرضون على الله ولا يخفى عليه شيء من أعمالهم.. فصَّل أحكام هذا العرض، فأخبر بأن من يؤتى كتابه بيمينه يشتد فرحه حتى يقول لكل من لقيه: خذ كتابي واقرأه؛ لأنه يعلم ما فيه من خير وفضل من الله، ويقول: إني كنت أعلم أنَّ هذا اليوم آت لا ريب فيه، وأني سأحاسب على ما أعمل، وحينئذٍ يكون جزاؤه عند ربه جنة عالية ذات ثمار دانية، ويقال له ولأمثاله: كلوا واشربوا هنيئًا مما قدمتم لأنفسكم في الدنيا.
قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أنه تعالى لما ذكر سرور السعداء بصحائف أعمالهم ثم بين حسن أحوالهم في معايشهم ومساكنهم.. أردف ذلك بذكر غمّ الأشقياء الكافرين وحزنهم بوضع الأغلال والقيود في أعناقهم وأيديهم وإعطائهم الغسلين طعامًا، ثم أعقبه بذكر سبب هذا، وهو أنهم كانوا لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحثّون على مساعدة ذوي الحاجة والبائسين.
قوله تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨)...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أنّ الله سبحانه وتعالى لما أقام الدليل على إمكان القيامة؛ ثم على وقوعها، ثم ذكر أحوال المؤمنين السعداء والكافرين الأشقياء.. أردف ذلك بتعظيم القرآن والرسول


الصفحة التالية
Icon