شديدة. فمن نظر إلى الأول قال: برد العجوز، ومن نظر إلى الثاني قال: برد العجز. وفي "روضة الأخيار": رغبت عجوز إلى أولادها أن يزوجوها، وكان لها سبعة بنين، فقالوا لها: إلى أن تصبري على البرد عارية لكل واحد منا ليلة، ففعلت. فلما كانت في السابعة ماتت، فسميت تلك الأيام أيام العجوز. وأسماء هذه الأيام الصن، وهو بالكسر: أول أيام العجوز كما في "القاموس": والصنبر وهي الريح الباردة، والثاني من أيام العجوز كما في "القاموس"، والوبر وهو ثالث أيام العجوز، والمعلل لمحدث وهو الرابع من أيّامها، ومطفىء الجمر وهو خامس أيام العجوز، أو رابعها كما في "القاموس": وقيل: مكفىء الظعن؛ أي: ممليها، وهم جمع ظعينة، وهو الهودج فيه امرأة أم لا، والآمر والمؤتمر. قال في "القاموس": آمر ومؤتمر: آخر أيام العجوز، قال الشاعر:

كَسَعَ الشِّتَاءُ بِسَبْعَةِ غَبَر أَيَّامَ شَهْلَتِنا من الشّهرِ
فَإذا انْقَضَتْ أَيَّامُ شَهْلَتِنَا بِالصِنّ والصّنْبَرِ والوَبَرِ
وَبَآمِرِ وَأَخِيْهِ مؤتمر ومعللٍ وبمطفىء الجمرِ
ذهبَ الشتاءُ مُوليًا هَربا وأتَتْك موقدةٌ من الحرِ
قال في "الكواشي": ولم يسم الثامن؛ لأنَّ هلاكهم وإهلاكهم كان فيه. وفي "عين المعاني": إنّ الثامن هو مكفىء الظعن ثم قال في "الكواشي": ويجوز أنها سميت أيام العجوز لعجزهم عما حل بهم فيها، ولم يُسمّ الثامن على هذا لإهلاكهم فيه، والذي لم يُسمّ هو الأول وإن كان العذاب واقعًا في ابتدائه؛ لأن ليلته غير مذكورة فلم يسم اليوم تبعًا لليلة؛ لأن التاريخ يكون بالليالي دون الأيام. فالصنُّ ثاني الأيام أول الأيام المذكورة لياليها انتهى.
يقول الفقير: وسرّ العدد أن عمر الدنيا بالنسبة إلى الإنس سبعة أيام من أيام الآخرة، وفي اليوم الثامن تقع القيامة ويعم الهلاك.
﴿فَتَرَى﴾ يا محمد أو يا من شأنه أن يرى ويبصر لو كنت حاضرًا وقتئذٍ ﴿الْقَوْمَ﴾؛ أي: قوم عاد، فاللام للعهد. ﴿فِيهَا﴾ أي: في محال هبوب تلك الريح أو في تلك الليالي والأيام، ورجحه أبو حيان للقرب وصراحة الذكر. ﴿صَرْعَى﴾؛ أي: موتى. جمع صريع كقتلى وقتيل، حال من القوم؛ لأنّ الرؤية بصرية. والصريع


الصفحة التالية
Icon