كثيرة من كتابه كقوله: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)﴾. وإثبات العزة والغفران له يتضمن كونه قادرًا على كل المقدورات، عالمًا بكل المعلومات؛ ليجازي المحسن والمسيء بالثواب والعقاب؛ ويعلم المطيع من العاصي؛ فلا يقع خطأ في إيصال الحق إلى من يستحقه، ثوابًا كان أو عقابًا.
٣ - ثم ذكر دلائل قدرته، فقال سبحانه: ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ الموصول (١) يجوز أن يكون تابعا للعزيز الغفور، نعتًا أو بيانًا أو بدلًا، وأنْ يكون منقطعًا عنه على أنّه خبر مبتدأ محذوف أو منصوب على المدح؛ أي: هو سبحانه وتعالى الإله الذي خلق وأوجد وأبدع السموات السبع على غير مثال سبق حالة كونهن ﴿طِبَاقًا﴾؛ أي: بعضها فوق بعض في جو الهواء، بلا عماد ولا علاق ولا رابط يربط بعضها ببعض، مع اختصاص كل منها بحيز معين ونظم ثابتة لا تتغير بل بنظام الجاذبية البديع بين أجرام الأرضين والسموات كما جاء في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾.
وقوله: ﴿طِبَاقًا﴾ يجوز (٢) أن يكون صفة لسبع سموات، وقولهم: الصفة في الأعداد تكون للمضاف إليه كما في قوله سبحانه: ﴿سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ﴾ لا يطرد، ويجوز جعله حالًا؛ لأنّ ﴿سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ معرفة لشمولها الكل، وهو مصدر بمعنى الفاعل، يقال: طابقه مطابقة، وطباق الشيء مثل كتاب مطابقة بكسر الباء، وطابقت بين الشيئين إذا جعلتهما على حذو واحد وألزقتهما، والباب يدل على وضع شيء مبسوط على مثله حتى يغطيه؛ والمعنى: مطابقة بعضها فوق بعض، وسماء فوق سماء، غلظ كل سماء خمس مئة عام، وكذا جوها بلا علاقة ولا عماد ولا مماسة؛ السماء الدنيا موج مكفوف؛ أي: ممنوع من السيلان، والثانية من درة بيضاء، والثالثة من حديد، والرابعة من نحاس أو صُفْر، والخامسة من فضة، والسادسة من ذهب، والسابعة من ياقوتة حمراء، وبين السابعة وما فوقها من الكرسي، والعرش بحار من نور، ولكن ما ورد فيه نقل.
قال الجمهور: إن الأرض مستديرة كالكرة، وإن السماء الدنيا محيطة بها من
(٢) روح البيان.