بالقوة والقدرة. قال ابن قتيبة: وإنما أقام اليمين مقام القوة؛ لأن قوة كل شيء في ميامنه، ومن هذا المعنى قول الشاعر:
إِذَا مَارَايَةٌ نُصِبَتْ لِمَجْدٍ | تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ بِالْيَمِيْنِ |
وَلَمَّا رَأَيْتُ الشَّمْسَ أَشْرَقَ نُوْرُهَا | تَنَاوَلْتُ مِنْهَا حَاجَتِي بِالْيَمِيْنِ |
٤٦ - ﴿ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦)﴾؛ أي: نياط قلبه بضرب عنقه. والنياط: عرق أبيض غليظ كالقصبة، علق به القلب تصادفه شفرة الناحر، إذا انقطع مات صاحبه. ولم يقل: لأهلكناه أو لضربنا عنقه؛ لأنه تصوير لإهلاكه بأفظع ما يفعله الملوك بمن يغضبون عليه، وهو أن يأخذ القتال بيمينه ويكفحه أي: يواجهه بالسيف، ويضرب عنقه. فإنه إذا أراد أن يوقع الضرب في قفاه أخذ بيساره، وإذا أراد أن يوقعه في جيده؛ أي عنقه وأن يكفحه؛ أي: يواجهه بالسيف، وهو أشد على المصبور لنظره إلى السيف أخذ بيمينه، فلذا خص اليمين دون اليسار.
قال الزمخشري: والمعنى: ولو ادعى مدعٍ علينا شيئًا لم نقله.. لقتلناه صبرًا كما تفعل الملوك بمن يتكذب عليهم معالجة بالسخط والانتقام، فصور قتل الصبر بصورته ليكون أهول، وهو أن يؤخذ بيده وتضرب رقبته.
ومعنى الآية (١): أي ولو افترى محمد علينا بعض الأقوال الباطلة، ونسبها
(١) المراغي.