مُكْرَمُونَ} مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنَّ الله سبحانه لما ذكر (١) أنه هو ذو المعارج والدرجات العالية والنعم الوفيرة التي يسبغها على عباده الأخيار، أردف هذا بذكر المؤهلات التي توصل إلى تلك المراتب، وتبعد عن ظلمة المادّة التي تدخل النفوس في النار الموقدة التي تنزع الشوى، وبين أنها عشر خصال تفكه من السلاسل التي تقيده بها غرائزه التي فطر عليها، وعاداته التي ألفها وركن إليها، وهي ترجع إلى شيئين: الحرص والجزع.
وهذه الخصال هي:
(١) الصلاة.
(٢) المداومة عليها في أوقاتها المعلومة.
(٣) إقامتها على الوجه الأكمل بحضور القلب والخشوع للربّ ومراعاة سننها وآدابها.
(٤) التصديق بيوم الجزاء بظهور أثر ذلك في نفسه اعتقادًا وعملًا.
(٥) إعطاء صدقات من أموالهم للفقراء والمحرومين.
(٦) مراعاة العهود والمواثيق.
(٧) أداء الأمانات إلى أهلها.
(٨) حفظ فروجهم عن الحرام.
(٩) أداء الشهادة على وجهها.
(١٠) الخوف من عذاب الله تعالى.
قوله تعالى: ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ...﴾ إلى آخر السورة، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما وعد المؤمنين بجنات النعيم مع الكرامة والإجلال.. أردف ذلك بذكر أحوال الكافرين مع الرسول - ﷺ -، وأبان لهم خطأهم فيما يرجون من جنّات النعيم على ما هم عليه من كفر وجحود. ثم توعدهم بالهلاك، ولن يستطيع أحد دفعه عنهم. ثم أمر رسوله أن يدعهم وشأنهم حتى يوم البعث يوم يخرجون من قبورهم مسرعين، كأنّهم ذاهبون إلى معبوداتهم الباطلة من الأصنام والأوثان وقد كان من دأبهم أن يسرعوا حين الذهاب إليها. وهم في هذا اليوم تكون أبصارهم ذليلة، وترهق وجوههم قترةً لما تحقّقوا من عذاب لا منجاة لهم منه، وقد أوعدوه في الدنيا، فكذَّبوا به.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ...﴾ الآيات، سبب نزولها: ما أخرجه (٢) النسائي، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ﴾
(٢) لباب النقول والمراح.