٢٥ - ﴿لِلسَّائِلِ﴾؛ أي: الذي يسأل. ومن (١) كان له قوت يوم لا يحل له السؤال، وأما حكم الدافع له عالمًا بحاله، فكان القياس أن يأثم؛ لأنه إعانة على الحرام، لكنه يجعله هبة، ولا إثم في الهبة للغني وله أن يرده برد جميل مثل أن يقول: آتاكم الله من فضله. ﴿وَالْمَحْرُومِ﴾ أي: الذي لا يسأل إما حياء أو توكلًا، فيظن أنه غني فيحرم.
والمعنى (٢): أي والذين في أموالهم نصيب معين لذوي الحاجات، والبائسين تقرَّبًا إلى الله وإشفاقًا على خلقه سواء سألوا، واستجدوا أو لم يسألوا تعففًا منهم، والمراد بهذا الحق المعلوم ما يوظّفه الرجل على نفسه فيؤديه كل جمعة، أو كل شهر أو كلما جدت حاجة تدعو إلى بذل المال كإغاثة فرد أو إغاثة أمة طرأ عليها ما يستدعي البذل لمصلحة هامة لها كالدفاع ضدّ عدوّ أو دفع مجاعة أو ضرورة ملحّة مفاجئة.
٣ - ٢٦ ﴿وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (٢٦)﴾؛ أي: يوم الجزاء، وهو يوم القيامة، لا يشكون فيه ولا يجحدونه بل يصدّقونه بأعمالهم، حيث يتعبون أنفسهم في الطاعات البدنيّة والمالية طمعًا في التوبة الأخروية، بحيث يستدل بذلك على تصديقهم بيوم الجزاء. فمجرد التصديق بالجنان واللسان، وإن كان ينجي من الخلود في النار، لكن لا يؤدي إلى أن يكون صاحبه مستثنى من المطبوعين بالأحوال المذكورة.
والمعنى: أي والذين يوقنون بالمعاد والحساب، فيعملون عمل من يرجو الثواب، ويخاف العقاب، وتظهر آثار ذلك في أفعالهم وأقوالهم ومعتقداتهم، فينيبون إلى الله ويخبتون إليه.
٤ - ٢٧ ﴿وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٢٧)﴾، أي: خائفون على أنفسهم مع ما لهم من الأعمال الفاضلة استقصارًا لها، واستعظامًا لجنابه تعالى. وتقديم ﴿مِنْ﴾ على متعلقه وإن كان للفاصلة يجوز أن يكون للحصر امتثالًا لأمره تعالى ﴿فَارْهَبُونِ﴾ مع جواز أن يكون للتقوية؛ أي: والذين هم خائفون وجلون من تركهم الواجبات وإقدامهم على المحظورات، ومن يدم به الخوف والإشفاق فيما كلف به يكن حذرًا

(١) روح البيان.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon