تكرير الدعوة حبس الله عنهم القطر، وأعقم أرحام النساء أربعين سنة، وقيل: سبعين سنة. فوعدهم إن آمنوا أن يرزقهم الله الخصب، ويدفع عنهم ما كانوا فيه.
يقول الفقير: هذا القول هو الموافق للحكمة؛ لأنَّ الله تعالى يبتلي عباده بالخير والشر ليرجعوا إليه، ألا ترى إلى قريش حيث إنّ الله جعل لهم سبع سنين كسني يوسف بدعاء النبي - ﷺ -.. ليرجعوا عما كانوا عليه من الشرك، فلم يرفعوا له رأسًا.
والمعنى (١): أي يرسل المطر عليكم متتابعًا، فتزرعون ما تحبون، ويكثر الخصب والغلات النافعة لكم في معاشكم من حبوب وثمار، وتحدث لكم طمأنينة وأمن وراحة لتوافر ما تشتهون مما هو سبب السعادة والهدى.
٢ - ١٢ ﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ﴾؛ أي: ويكثر لكم الأموال والخيرات على سائر ضروبها واختلاف ألوانها.
٣ - ﴿وَبَنِينَ﴾؛ أي: ويكثر لكم الأولاد. فقد ثبت لدى علماء الاجتماع أن النسل لا يكثر في أمة إلا إذا استتب فيها الأمن وارتفع منها الظلم، وساد العدل بين الأفراد، وتوافرت لهم وسائل الرزق.
٤ - ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ﴾؛ أي: بساتين ذوات أشجار وثمار؛ أي: ويوجد لكم بساتين عامرة تأخذون من ثمارها ما به تنتفعون، ولم يطمع الناس في الفاكهة إلا إذا وجدت لديهم الأقوات وكثرت الغلات.
٥ - ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ﴾ فيها ﴿أَنْهَارًا﴾ جارية بها يكثر الخصب والزرع بمختلف ألوانه وأشكاله، لا جرم أن الأمة الكثيرة البساتين والمزارع يعمها الرخاء وتسعد في حياتها الدنيوية، وتزينها بالنبات، وتحفظها عن اليبس، وتفرح القلوب وتسقي النفوس.
وكان الظاهر (٢) تقديم الجنات والأنهار على الإمداد لكونهما من توابع الإرسال، وإنما أخرهما لرعاية رأس الآية، وللإشعار بأن كلا منهما نعمة الهبة على حدة. وعن الحسن البصريّ: إن رجلًا شكا إليه الجدب، فقال له: استغفر الله،
(٢) روح البيان.