الفاعل على وزن متدحرج أو هو بضم الميم، والتاء المشدّدة المضمومة وفتح الشين المعجمة وسكون اللام، وروى بعضهم الفتح في الميم. وأمّه سمحاء بنت أنوش. قال ابن عباس رضي الله عنهما: لم يكفر لنوح أب ما بينه وبين آدم. وفي "إشراق التواريخ" أمه قسوس. بنت كابيل، وفي "كشف الأسرار": هيجل بنت لاموس بن متوشلخ بنت عمّه. وقيل: المراد بوالديه آدم وحوّاء عليهما السلام، وقال سعيد بن جبير: أراد بوالديه أباه وجدّه.
وقرأ الجمهور (١): ﴿وَلِوَالِدَيَّ﴾ بالتثنية. وقرأ سعيد بن جبير، والجحدري ﴿ولوالدي﴾ بكسر الدال وتخفيف الياء بالإفراد، فإما أن يكون خصّ أباه الأقرب، أو أراد جميع من ولدوه إلى آدم عليه السلام. وقرأ الحسين بن علي ويحيى بن يعمر والنخعي والزهري وزيد بن علي ﴿ولولديّ﴾ تثنية ولد. يعني: سامًا وحامًا.
﴿وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ﴾؛ أي: منزلي، وقيل: مسجدي، فإنّه بيت أهل الله، وإن كان بيت الله من وجه. وقيل: سفينتي، فإنها كالبيت في حرز الحوائج وحفظ النفوس عن الحرّ والبرد وغيرهما. وقيل: لمن دخل في ديني. وقوله: ﴿مُؤْمِنًا﴾ حال من فاعل ﴿دَخَلَ﴾؛ أي: حال كون الداخل مؤمنًا. أي: متصفًا بصفة الإيمان بالله سبحانه. وبهذا القيد جرجت امرأته واعلة وابنه كنعان، ولكن لمْ يجزم عليه السلام بخروجه إلا بعد. ما قيل له: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾. ثم عمم الدعوة فقال: ﴿وَلِل﴾ مُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} أي: ولكلّ متصفا بالإيمان بي، أو من لدن آدم إلى يوم القيامة من الذكور والإناث.
ثمّ عاد إلى الدعاء على الكافرين فقال: ﴿وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ﴾؛ أي: المتصفين بالظلم ﴿إِلَّا تَبَارًا﴾؛ أي: إلَّا هلاكًا وخسرانًا ودمارًا، وقد شمل دعاؤه هذا كلّ ظالم إلى يوم القيامة كما شمل دعاؤه للمؤمنين والمؤمنات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة.
قال في الأول (٢): ﴿وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا﴾ لأنه وقع بعد قوله: ﴿وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا﴾، وفي المثاني: ﴿إِلَّا تَبَارًا﴾ لأنه وقع بعد قوله: ﴿لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ﴾ إلخ. فذكر

(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon