الثانية واوًا حرف مدّ مجانسًا لحركة الأولى.
﴿أَنَّهُ اسْتَمَعَ﴾ والاستماع: الإصغاء إلى الكلام مع قصد السماع له، والسماع: اتفاق سماعه من غير قصد إليه فكل مستمع سامع من غير عكس كما مرّ. ﴿نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ﴾ والنفر: الجماعة بين الثلاثة إلى العشرة، وفي "القاموس": النفر: ما دون العشرة من الرجال كالنفير والجمع أنفار. وفي "المفردات": النفر: عدّة رجال يمكنهم النفر إلى الحرب. وفي "شرح القاموس" قال أبو العباس: النفر والرهط والقوم هؤلاء معناها الجمع لا واحد لها من لفظها، والنسب إليه نفريّ. قال الزجاج: النفير جمع نفر كالعبيد. ﴿وَالْجِنُّ﴾ اسم جنس، واحده جنيّ كروم وروميّ، سمّوا بذلك لاجتنانهم عن بني آدم.
﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا﴾ والسماع: حصول السمع اتفاقًا، كما مرّ آنفًا. ﴿عَجَبًا﴾ مصدر بمعنى العجيب، وضع موضعه للمبالغة؛ أي: عجيبًا بديعًا مباينًا لكلام الناس في حسن النظم ودقّة المعنى. ﴿يَهْدِى إِلَى الرُّشْدِ﴾ وحقيقة الرشد إلاهتداء إلى مصالح الدين والدنيا. قال بعضهم: الرشد كالقفل خلاف الغيّ، يقال في الأمور الدنيوية والأخروية، والرشد كالذهب يقال في الأمور الأخروية فقط. ﴿تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا﴾؛ أي: تنزّه جلاله وعظمته عمّا نسب إليه من الصاحبة والولد. وفي "القرطبي": الجد في اللغة: العظمة والجلال، ومنه قول أنس رضي الله عنه: كان الرجل إذا حَفِظ البقرة، وآل عمران جدّ في عيوننا؛ أي: عظم وجلّ. ﴿كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا﴾؛ أي: جاهلنا، وهو إبليس أو مردة الجنّ. والسفه: خفّة الحلم، أو نقيضه أو الجهل كما في "القاموس". وقال الراغب: السفه: خفّة في البدن، واستعمل في خفّة النفس لنقصان العقل، وفي الأمور الدنيوية والأخروية. والمراد في الآية هو السفه في الدين الذي هو السفه الأخرويّ، كذا في "المفردات".
﴿شَطَطًا﴾ هو مجاوزة الحد في الظلم وغيره. وفي "المفردات": الشطط: الإفراط في البعد؛ أي: قولًا ذا شطط؛ أي: بعد عن القصد ومجاوزة الحد، أو هو شطط في نفسه لفرط بعده عن الحق، فوصف بالمصدر للمبالغة، والمراد به نسبة الصاحبة والولد إليه تعالى. ﴿كَذِبًا﴾ مصدر مؤكد لـ ﴿تَقُولَ﴾؛ لأنه نوع من القول. ﴿يَعُوذُونَ﴾ العوذ: الالتجاء إلى الغير والتعلق به. أصله: يعوذون بوزن يفعلون، نقلت حركة الواو إلى العين فسكنت بعد ضمة فصارت حرف مد. ﴿فَزَادُوهُمْ﴾ أصله:


الصفحة التالية
Icon