وأكثر بركة، وأبلغ في الثواب، وأدخل في القبول.
قرأ الجمهور (١): بفتح الواو وسكون الطاء مقصورًا، واختار هذه القراءة أبو حاتم. والمعنى: إنّ الصلاة في ناشئة الليل وساعاته أثقل على المصلّي من الصلاة في ساعات النهار، لأنّ الليل وقت الراحة والنوم. وقرأ أبو العالية وابن أبي إسحاق، ومجاهد، وأبو عمرو، وابن عامر، وحميد، وابن محيصن، والمغيرة، وأبو حيوة بكسر الواو وفتح الطاء ممدودًا، واختار هذه القراءة أبو عبيد. والمعنى عليها: أنها أشد مواطأة؛ أي: موافقة بين اللسان والقلب والسمع والبصر لانقطاع الأصوات والحركات فيها من واطأت فلانًا إذا وافقته، ومنه: قوله تعالى: ﴿لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ﴾؛ أي: ليوافقوا.
٧ - ﴿إِنَّ لَكَ﴾ يا محمد ﴿فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا﴾؛ أي: تقلّبًا كثيرًا وتصرّفًا في مهماتك كتردد السابح في الماء، واشتغالًا كثيرًا بشواغلك، فلا تستطيع أن تتفرّغ للعبادة، فعليك بها في الليل، فعليك بها في الليل. وهذا بيان للداعي الخارجيّ إلى قيام الليل بعد بيان ما في نفسه من الداعي.
وقيل معنى الآية: إن فاتك من الليل شيء ذلك في النهار فراغ تقدر على تداركه فيه حتى لا ينقص شيء من حظك من المناجاة لربك، ويناسبه قوله - ﷺ -: "من نام عن حزبه، أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل". وقيل: سبحًا سبحةً؛ أي: نافلةً.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿سَبْحًا﴾ بالحاء المهملة؛ أي: تصرفا في حوائجك وإقبالًا وإدبارًا وذهابًا ومجيئًا في أشغالك كما يتردد السابح في الماء يقلب يديه ورجليه. قال الشاعر:
أبَاحُوْا لَكُمْ شَرْقَ الْبِلاَدِ وَغَرْبَهَا | فَفِيْهَا لَكُمْ يَا صَاحِ سَبْحٌ مِنَ السَّبْحِ |
(٢) البحر المحيط.