والمصدر مضاف إلى فاعله؛ أي: كان وعده سبحانه وتعالى يكون يوم القيامة على ما وصف به من الشدائد. ﴿مَفْعُولًا﴾ أي: كائنًا متحقّقًا؛ لأنه لا يخلف الميعاد، فلا يجوز لعاقل أن يرتاب فيه. أو الضمير لـ ﴿يوم﴾، والمصدر مضاف إلى مفعوله، والفاعل وهو الله مقدر؛ أي: كان وعد الله ذلك اليوم مفعولًا؛ أي: واجب الوقوع؛ لأن حكمته تعالى وعلمه يقتضيان إيقاعه.
والمعنى: كيف يحصل لكم أمان من يوم يحصل فيه هذا الفزع العظيم الذي تشيب من هوله الولدان، وتنشق السماء، وتنفطر بسبب شدائده وأهواله إن كفرتم.
والعرب تضرب المثل في الشدّة، فتقول: هذا يوم تشيب من هوله الولدان، وهذا يوم يشيب نواصي الأطفال. ذاك أن الهموم والأحزان إذا تفاقمت على الإنسان أسرع فيه الشيب، فجعلوا الشيب كناية عن الشدّة والمحنة فاحذروا هذا اليوم، فإنه كائن لا محالة كما وعد.
١٩ - وقوله: ﴿إِنَّ هَذِهِ﴾ إشارة إلى الآيات المنطوية على القوارع المذكورة، وهي من قوله: ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا﴾، إلى هنا. ﴿تَذْكِرَةٌ﴾؛ أي: موعظة لمن يريد الخير لنفسه، والاستعداد لربه. أو إشارة إلى جميع الآيات القرآنية؛ لأن القرآن موعظة للمتقين وطريق للسالكين، ونجاة للهالكين، وبيان للمستبصرين، وشفاء للمتحبرين، وأمان للخائفين، وأنس للمريدين، ونور لقلوب العارفين، وهدى لمن أراد الطريق إلى رب العالمين.
﴿فَمَنْ شَاءَ﴾ من المتكلفين الوصول إلى مرضاة الله سبحانه والقرب إليه ﴿اتَّخَذَ﴾ لنفسه ﴿إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾؛ أي: جعل لنفسه طريقًا موصلًا إلى مرضاته تعالى بالتقرب إليه بالإيمان والطاعات، فإنه المنهاج الموصل إلى مرضاته ومقام قربه والاستقرار في دار كرامته.
والمعنى (١): أي إن ما تقدم من الآيات التي ذكر فيها يوم القيامة وأهوالها، وما هو فاعل فيها بأهل الكفر عبرة لمن اعتبر وادكر، فمن شاء.. اتعظ بها واتخذ سبيلًا إلى ربه، فآمن به وعمل بطاعته، وأخبت إليه. وذلك هو النهج القويم،